داهم القحطاني: نعلم أن مواجهة الفساد أمر عسير جدّاً فالفساد سرطان يستشري والتخلُّص منه أمر مؤلم لكنه طريقنا الوحيد كبلد وكشعب للتعافي
زاوية الكتابكتب داهم القحطاني أغسطس 23, 2020, 10:50 م 536 مشاهدات 0
كلنا نعلم أن مواجهة الفساد أمر عسير جدّاً؛ فالفساد سرطان يستشري، والتخلُّص منه أمر مؤلم، لكنه طريقنا الوحيد كبلد وكشعب للتعافي.
لهذا، علينا ألا نشعر بالأسف لظهور هذا الكم الهائل من قضايا الفساد؛ فالأسف الحقيقي والأسى هما وضعنا قبل ذلك، حين كان الفاسدون يسرقون أموالنا العامة، ويسرقون مستقبل جيلنا الحالي، وأجيالنا القادمة، وهم يتقلّدون المناصب العليا، وبيدهم صنع القرارات الكبرى.
الفاسدون لا يزالون أقوياء ومؤثرين، ولديهم وسائل عدة لتشويه الخطوات الإصلاحية التي بدأ بها الشعب الكويتي عبر الإصرار على مواجهة الفساد، من خلال الرأي العام القوي والمستمر في شبكات التواصل الاجتماعي والصحف، وفي الدواوين.
الآن، لدينا خطوات عملية يقوم بها الشيخ ناصر صباح الأحمد، منذ أن تولّى منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، حيث نجح، وبتضحية عالية أفقدته مناصبه، في تحريك الراكد من ملفات الفساد كصندوق الجيش والصندوق الماليزي، في معركة كانت ممتلئة بالجراح، فتشكّلت حكومة جديدة تحت شعار محاربة الفساد، يرأسها شخص عُرف بالنزاهة، ولم تُسجل عليه أي شبهات مالية تتعلق بمناصبه السابقة، وهو رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد.
خطوات الشيخ ناصر صباح الأحمد الإصلاحية، وقيامه ميدانياً بمواجهة مؤسسة الفساد، وجدا صدى شعبياً واسعاً يؤيد ويطالب بالمزيد، وكذلك وجد الشيخ صباح الخالد دعماً شعبياً، خصوصاً مع تزايد الإحالات إلى النيابة العامة لشخصيات من الأسرة الحاكمة، وشخصيات أخرى كانت تحظى بالدعم والحماية طوال سنوات.
بالطبع، ما يقوم به الشيخان ناصر صباح الأحمد وصباح الخالد، لن يُرضي طموح المواطن الذي يرغب في خطوات أسرع وأقسى ضد الفاسدين، لكن هناك شعوراً شعبياً بأنهما يقومان بجهود مخلصة، وعملية، ومؤثرة وقابلة للتطور مع استمرار الدعم الشعبي.
لكن ليعلم الشيخان بأن الرهان الشعبي عليهما أمر محفوف بالمخاطر؛ فالمواطنون لن يصبروا طويلاً إذا رأوا أن هذه الجهود لم تحقق النتيجة المرجوة، كما أن مؤسسة الفساد قد تستغل هذا التأخير فتدخل على الخط عبر إعادة تأهيل بعض الوجوه أو عبر خلق وجوه جديدة تقوم بطرح سياسي، ظاهره التشدّد ضد الفساد، لكن في حقيقته يستهدف القيام بضرب الجهود الإصلاحية للشيخين، وبالتالي تشتيت الجهود، والقضاء على فرصة أن يقوم أفراد في الأسرة الحاكمة بمواجهة الفساد الذي تسبّب فيه أفراد آخرون في الأسرة الحاكمة.
بالطبع، مواجهة الفساد أمر يجب ألا يُربط أو يُعلق بأفراد من الأسرة الحاكمة، مهما كانت نواياهم حسنة، فهذه مهمة وطنية لكل مخلص ووطني ورافض للفساد، ولكن حين يكون هناك شيوخ مستنيرون، ولديهم الرغبة الصادقة والقدرة فهذه فرصة يجب ألا تفوت، ويجب كذلك ألا يتم وأدها، إن لم تحقق الهدف في وقت قصير؛ فمواجهة فساد استشرى لسنوات طويلة تتطلب قليلاً من الصبر.
هذا كله لا يمنع وجود مشروع شعبي أكبر، ليس لمحاربة الفساد فقط، بل لصياغة أوضاع سياسية جديدة تعيد للكويت ريادتها، وتميّزها، وتفرّدها كبلد قدّم للوطن العربي بأسره نموذجاً فريداً للحكم البرلماني المستنير القائم على تناغم الشعب والحكم في دعم مشروع الدولة الحديثة والمتطورة.
لنحافظ على هذا الزخم الشعبي الرافض للفساد من التشتت، وليكن الصبر أسلوباً لمواجهة مَن يزايد بهدف وأد كل جهد إصلاحي.
تعليقات