إكتشاف حقل الغاز التركي سيغير قواعد اللعبة إقتصادياً

الاقتصاد الآن

يتوقع توفير مت 40 إلى 45 مليار دولار أمريكي سنوياً تدفعها تركيا سنويًا للطاقة المستوردة

الآن - وكالات 808 مشاهدات 0


أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان البشارة التي وعد بها، المتمثِّلة في اكتشاف بلاده أكبر حقل للغاز الطبيعي في تاريخها. ويرى مراقبون أن ذلك الاكتشاف سيفتح الطريق أمام اكتفاء تركيا ذاتياً من احتياجاتها إلى الطاقة، بما يوفِّر على ميزانيتها فاتورة باهظة.
بعد ساعات من ترقّب إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن البشرى التي ستدخل بموجبها بلاده "مرحلة جديدة في تاريخها"، أعلن أردوغان الجمعة، اكتشاف أكبر حقل للغاز الطبيعي في تاريخ تركيا في البحر الأسود.

وأضاف في كلمة خلال مراسم الإعلان عن الاكتشاف من مكتب الرئاسة بقصر دولمة بهجة بإسطنبول، أن عملية التنقيب نُفِّذت بالكامل بإمكانات وطنية، مؤكداً أن المؤشرات الأولية لاكتشاف أكبر حقل غاز تُقدَّر احتياطياته بنحو 320 مليار متر مكعب، تشير إلى احتمال كبير لوجود حقول أخرى في المنطقة نفسها.
تكمن أهمية الاكتشافات الأخيرة في أنها تفتح الباب أمام إمكانية الاكتفاء الذاتي لتركيا من احتياجاتها المحلية من الطاقة، الأمر الذي يعني الكثير بالنسبة إلى أنقرة التي تُقدَّر قيمة وارداتها من الطاقة بما يتراوح بين 40 و45 مليار دولار سنوياً.

في هذا الصدد، تُظهِر الأرقام الصادرة عن معهد الإحصاء التركي (TÜİK)، أن قيمة واردات الطاقة تقدّر بنحو 17% من إجمالي الواردات التركية التي بلغت 202.7 مليار دولار خلال عام 2019، إذ استوردت تركيا خلال العام نفسه منتجات طاقة بقيمة 41.18 مليار دولار.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الأموال التي قد توفّرها تركيا حال استطاعتها الاكتفاء ذاتياً من موارد الطاقة، أو على الأقل تقليص قيمة فاتورة وارداتها منها، تُعد حاسمة، إذ إن من شأنها إعادة التوازن لميزان التبادل التجاري الذي يعاني عجزاً بقيمة نحو 22 مليار دولار، نظراً إلى أن قيمة صادرات أنقرة بلغت 180.8 مليار دولار بنهاية عام 2019، وفقاً لـTÜİK.

لذلك، فإن أستاذ العلوم السياسية سمير صالحة يرى أن "هذا الاكتشاف الكبير سينقل تركيا إلى مرحلة مهمة على المستويين الإقليمي والدولي، ويجعلها مرشحة لأن تكون بين الدول الـ10 الكبرى".
ويُشكّل الغاز الطبيعي ركيزة أساسية للصناعات التركية المتنامية، ففي حين أن البلاد تستهلك حالياً أكثر من 52 مليار متر مكعب سنوياً، تذهب التقديرات إلى أن هذا الرقم قد يصل إلى 70 ملياراً بحلول عام 2030.

في السياق نفسه، يقول مدير الدراسات الاقتصادية بمركز الشرق الأوسط (أورسام) رجب يورولماز إن "الاكتشافات الأخيرة ستؤثر إيجابياً على النمو التركي مستقبلاً وسد العجز في الميزانية، كما ستكون ذات مردود مباشر على دخل الفرد في تركيا".

ويشير يورولماز في حديث لـTRT عربي إلى أن "تلك هي أول مرة تعثر تركيا فيها على هذه الكميات الكبيرة من الغاز الطبيعي والطاقة"، مضيفاً: "على الرغم من الإعلان عن اكتشاف 320 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، فإن الرقم قابل للازدياد مع اكتشاف حقول جديدة".

ويتفق ذلك مع ما نقلته وكالة بلومبيرغ الأمريكية عن الخبير الاستراتيجي تيموثي آش أنه "على الرغم من أن حقول غازٍ اكتُشِفت من قبل في البحر الأسود، فإن تلك الاكتشافات كانت على نطاقات محدودة.. ونظراً إلى القيمة المرتفعة للواردات التركية من الطاقة، فإن أنقرة تحتاج إلى شيءٍ (كهذا) يُغيّر قواعد اللعبة".
ولا تقتصر أهمية الاكتشافات الأخيرة على القيمة المادية لكميات الغاز الطبيعي الكبيرة، وإنما يمتد الأثر الإيجابي لها إلى فتح آفاقٍ لاكتشافات أخرى ربما أوسع، سواء في منطقة البحر الأسود أو شرق المتوسط. ويمكن إرجاع ذلك إلى عاملين، الأول هو إثبات الإمكانات التركية الوطنية قدرتها على البحث والتنقيب واكتشاف حقول ضخمة، وثانيهما العامل البيئي، إذ تشير الدراسات إلى خصوبة المنطقتين وغناهما بالموارد الطبيعية.

في إشارة إلى العامل الثاني، قال وزير الطاقة والموارد التركي فاتح دونماز إن آباراً وحقولاً جديدة في منطقة حقل الغاز المكتشف، من المتوقع أن تُكتشف في أقرب وقت، لافتاً إلى أن بلاده تواصل العمل على مساحة 6 آلاف كيلومتر مربع في المنطقة المذكورة.

وأضاف دونماز خلال كلمة له، أن دراسات المسح الزلزالي في المنطقة بدأت قبل 14 شهراً، مشيراً إلى أن مساحة المنطقة التي اكتُشِف فيها الغاز تبلغ 250 كيلومتراً مربعاً.

وأشار الوزير التركي إلى ما أظهرته الاختبارات والتحاليل بخصوص جودة الغاز المكتشف، وهو ما سينعكس بشكل إيجابي على تكلفة استخراجه. وأضاف أن اليوم هو "نقطة تحول تاريخية بالنسبة إلى تركيا وشعبها"، مبيِّناً أن استخدام الغاز المحلي سيبدأ اعتباراً من الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية عام 2023.

وكان الرئيس التركي قد أعلن قبل أيام، أن تركيا ستدخل مرحلة جديدة بعد البشرى المزمع أن يكشف عنها. وقال أردوغان حينها: "نعيش حالياً حلم هذه البشارة، على يقين أن تركيا ستدخل مرحلة جديدة عبر البشرى التي سنعلن عنها لشعبنا يوم الجمعة المقبل".

تعليقات

اكتب تعليقك