طلال العرب: كانت الكويت ولا تزال على رأس حاملي هموم النكبة الفلسطينية فرغم بعدها الجغرافي وصغر حجمها وقلة سكانها فإنها لم تبخل ولم تتردد يوما في دعم القضية سياسيا وماديا وشهداء
زاوية الكتابكتب طلال عبد الكريم العرب أغسطس 19, 2020, 10:53 م 726 مشاهدات 0
كانت الكويت ولا تزال على رأس حاملي هموم النكبة الفلسطينية، فرغم بعدها الجغرافي، وصغر حجمها وقلة سكانها، فإنها لم تبخل ولم تتردد يوما في دعم القضية سياسيا وماديا وشهداء، واستوعبت نصف مليون فلسطيني شاركوها لقمة عيشها من دون منة، فهي لم تتاجر يوما كغيرها في تلك القضية القومية.
إلا أن كل ما فعلته الكويت من منظور إنساني وقومي بحت تجاه القضية الفلسطينية لم يشفع لها، فما إن غزا العراق الكويت حتى فوجئنا بكارثة أخرى تركت جرحا مؤلما لا يزال غائرا في النفوس، وهو وقوف ياسر عرفات والملك حسين وعلي صالح والبشير والإخوان المسلمين، وغيرهم مع الاحتلال الغاشم، رغم أنهم كانوا أكثر من استفاد من الدعم الكويتي.
ولكن، ورغم ما حصل، فلا يزال بيننا من هو على قناعة راسخة بأن الكويت هي قلب العروبة النابض، وتملك شجاعة الرفض، وأنها قادرة على حمل السلّم بالعرض، وأنها مستعدة لتحمل مسؤولية تحرير فلسطين.
يقابل الموقف الكويتي الرسمي الرافض مواقف متناقضة من بعض الدول المعارضة للتطبيع الإماراتي مع اسرائيل، مع أنها تقبلت توقيع أصحاب القضية الفلسطينيين ودول المواجهة الرئيسيين معاهدات تطبيع مع إسرائيل، ولكن عندما قامت دولة الامارات بخطوة مماثلة قامت عليها القيامة.
ما أثار السخرية أن تركيا هي من أقامت الدنيا، واستشاطت غيظا ضد تطبيع الامارات مع إسرائيل، مع أنها هي أصلا لها علاقات ليست قوية فحسب، بل وقديمة وراسخة عسكريا وتجاريا ودبلوماسيا مع اسرائيل، أما أعجب العجاب فهو سحب سفراء من الامارات بسبب التطبيع ولم تسحبهم من دول أخرى كتركيا ومصر والأردن، فأي تجارة هذه التي يتعاملون بها؟
أما النظام الايراني الذي يدس أنفه في كل صغيرة وكبيرة في بلادنا، ورغم كل تلك الجعجعة والعويل الإعلامي على القضية الفلسطينية، فإنه أكثر من تاجر واستفاد من القضية الفلسطينية، ففي حقيقة الأمر ليس هناك ما يستدعي العداوة بين إسرائيل وايران، فليس بينهما ثأر تاريخي، كما أن الكل يعلم بأن من أتى بخميني من باريس هي فرنسا بمباركة وترتيبات أميركية صهيونية، وبشروط لا بد أن يوافق عليها النظام الجديد وإلا فلا، وهو عدم المساس بوجود الكيان الإسرائيلي، والعلاقات بينهما سرية ولكنها تتكشف صدفة كما حصل مع فضيحة ايران كونترا عندما زودت إسرائيل ايران بالأسلحة خلال حربها مع العراق.
عدد دول التطبيع سيتزايد لا شك في ذلك، فهذا واضح من تصريحات التأييد الرسمية للخطوة الإماراتية، ونقول: الامارات شقيقتنا وسندنا، ومن حقها ان تفعل ما في مصلحتها، وهي لم تفعل ذلك لوحدها فقد سبقتها الاردن ومصر وهناك من سبق الجميع بطريقة ما تحت الطاولة.
فكم نتمنى ألا تجرفنا العواطف، فلنسكت، ولنلزم الصمت، ولنتوقف عن مسك السلم بالعرض، على الأقل في الوقت الحالي، فالكويت عندنا أهم من كل القضايا، فيا خوفنا على الكويت من كارثة جديدة لن نجد من يعيننا عليها.
تعليقات