وليد الجاسم: العروبة داء لا برء منه ولا شفاء وسأظل مؤيدًا للحق الفلسطيني حتى لو كان من طعنوا بلادنا منهم

زاوية الكتاب

كتب وليد الجاسم 802 مشاهدات 0


كثيرون ممن هم في مثل عمري، أكبر قليلاً أو أصغر قليلاً، تسبب لهم الغزو العراقي للكويت الذي استذكرناه في الثاني من أغسطس الجاري بصدمة عروبية حادة أفقدتهم قوميتهم... وكيف تبقى مشاعرهم القومية حية نابضة بالحياة بعدما قتلها العراق الذي تنكر لكل وقفات الكويت وأهلها معه خلال سنوات حربه الطويلة مع ايران، ليأتي ويختمها بخسة يندر مثلها ويغزو الكويت وينكل بأهلها.

وكيف تبقى مشاعرنا القومية بعد الصدمة الثانية والأقسى من صدمتنا في العراق! ألا وهي صدمتنا في الفلسطينيين الذين تنكر معظمهم للكويت التي كانت تحتضن نحو نصف مليون منهم، يحق لهم ما يحق للكويتي من التطبب المجاني والتعليم المجاني والتوظيف في الحكومة، فاستقروا في الكويت كما لم يستقروا في مكان ومارسوا الأعمال والتجارة، وصارت حولي والنقرة أشبه بمقاطعات فلسطينية إذا دخلها الكويتي سمعهم يتهامسون استنكاراً... «هاظا شو جايبو هون»؟!... وانطلقت من حولي منظمة تحريرهم وتبرع الكويتيون لها بمالهم وذهبهم وأفئدتهم وصحافتهم وقلوبهم وعقولهم... كل هذا من أجل القضية التي باعتهم وباعت الكويت بثمن بخس لجزار بغداد!

أضف لما سبق، مواقف دول عربية أخرى كشف الغزو بسواده عن سواد قلوبهم وأحقادهم في دول اصطلح على تسميتها بـ«الضد» تواجهنا وتواجه معنا دول الـ«مع» التي خففت عنا آلام جراح العروبة وكسور القومية التي أوجعتنا.

هكذا كانت الحال وهكذا كانت الظنون طوال ثلاثين عاماً انقضت، حتى تكشف لي قبل أيام أنني ما زلت مصاباً بداء «العروبة» وأن شراييني ما زالت «القومية» تسري فيها، وأن كل ما فات إنما كان حالة من التنفيس والتعبير عن الغضب والملامة تجاه كل تلك الصدمات من إخوة لنا، بل أشقاء، كانوا يصفقون للعدو وهو يفترسنا على موائد العروبة التقدمية والثورية... الدموية.

نعم، هكذا كانت الحال حتى أسبوع مضى عندما كنت أشاهد برنامجاً سياحياً يحكي عن زيارة إلى القدس، وعندما تحدث أحدهم بإنكليزيته ذات اللكنة العبرية عن صحن الحمص باعتباره إسرائيلياً، فوجئت بأنفاسي وقد اضطربت ودقات قلبي وقد تسارعت رافضاً أن يغتصب الصهاينة صحن الحمص بكل رمزيته، فكيف أتقبل اغتصابهم بلداً كاملاً وشعباً كاملاً وتاريخاً وتراثاً ولساناً؟... هنا اكتشفت أن العروبة داء لا برء منه ولا شفاء، وأنني سأظل مؤيداً للحق الفلسطيني حتى لو كان من طعنوا بلادنا منهم، مكتفياً بترديد «وظلم ذوي القربى أشد مضاضة...»!... ولهذا، لن أظلمهم حتى لو ظلموني.

تعليقات

اكتب تعليقك