وليد الغانم: كان الدكتور سليمان رحمه الله قدوة في حياته ثم أصبح لنا عبرة عظيمة بعد وفاته لمن يتعظ بأن الدنيا راحلة، ولن يبقى سوى الذكر الطيب فرحمه الله وعفا عنه

زاوية الكتاب

كتب وليد الغانم 710 مشاهدات 0


فقدت جامعة الكويت هذا الأسبوع أستاذاً فاضلاً ومعلماً جليلاً، الدكتور سليمان الجسار رحمه الله، أستاذ قسم التمويل في كلية العلوم الإدارية، فاستهلت وسائل التواصل الاجتماعي في رثائه والترحم عليه حتى بلغ اسمه أعلى معدل لتداول التغريدات في الكويت يوم السبت، خصوصاً من طلاب وطالبات جامعة الكويت في مشهد حميم يلفت الأنظار والتساؤل: ما الذي جمع كل أولئك الطلبة على محبة واستذكار هذا الأستاذ رحمه الله؟

ليس هذا فحسب فقد تداعى أحباؤه لإنشاء مشروع خيري باسم الدكتور سليمان الجسار، ولم تمض ساعات قليلة حتى اكتملت التبرعات لهذا المشروع، مما دعاهم لرفع قيمته وإضافة مرافق له لاستقبال مئات المتبرعين المجهولين من محبي الدكتور سليمان، فزادت قيمة المشروع الخيري من ١٢ ألف دينار يوم السبت لتصل إلى ٣٠ ألف دينار خلال أقل من ٢٤ ساعة، في إشارة وفاء عظيمة لتفخر بها أسرة الدكتور سليمان رحمه الله.

إن هذه المواقف الطيبة والعفوية عبرة لكل معلم ومسؤول، إنها رسالة عميقة لكل أستاذ وقيادي أينما كان موقعه أن يراجع مواقفه وأفعاله ومعاملته في وظيفته ومهنته مع الناس، خصوصاً أعضاء هيئة التدريس، وتأثيرهم المباشر في حياة الطلاب ومستقبلهم، فيبذلون قصارى جهدهم في التعليم الحقيقي والالتزام الصادق والعدالة في تقييم الطلاب ومساعدتهم بكل الطرق المشروعة لاستكمال دراستهم، وتشجيعهم للمضي قدماً نحو خدمة الوطن وأهله.

للأسف نسمع قصصاً كثيرة عن سوء معاملة بعض الأساتذة للطلاب والتكبر عليهم وازدرائهم والتفرقة بينهم بغير وجه حق في الدرجات والتقييمات، ونسمع كذلك عن إهمال بعض الأساتذة واجباتهم الوظيفية في التعليم، وانشغالهم بعملهم الخاص على حساب الوظيفة، أو تكرار غيابهم بلا عذر، أو اختزال المواد العلمية حتى تفقد قيمتها، ونماذج تعليمية كهذه سيئة تبقى أضرارها في حياة الطلاب والمجتمع سنوات عديدة.

لم يكن الدكتور سليمان الجسار رحمه الله ليكسب محبة هذه الأفواج الكبيرة لولا أخلاقه وتواضعه وحرصه على مهنته واهتمامه الشديد بمساعدة الطلاب والطالبات في كل موقع، فشتّان بين هذا المعلم الكريم وبين أساتذة كلما ذُكرت أسماؤهم في محفل أو تجمع توالت عليهم الدعوات والذكريات المشينة بسبب ظلمهم وتقصيرهم وتفرقتهم بين الناس بغياً وحسداً.

كان الدكتور سليمان رحمه الله قدوة في حياته، ثم أصبح لنا عبرة عظيمة بعد وفاته لمن يتعظ بأن الدنيا راحلة، ولن يبقى سوى الذكر الطيب، فرحمه الله وعفا عنه، وخالص العزاء لأسرته وطلبته ومحبيه. والله الموفق.

تعليقات

اكتب تعليقك