‫خالد الطراح: يبدو جلياً أن الإعلام الرسمي للدولة يعاني اليوم من اليُتم فقد أصبح لدينا إعلام مجهول الأبوين بسبب فقدان المرجعية المهنية والسياسية‬

زاوية الكتاب

كتب خالد الطراح 850 مشاهدات 0


يبدو جلياً أن الإعلام الرسمي للدولة يعاني اليوم من اليُتم، فقد أصبح لدينا إعلام مجهول الأبوين، بسبب فقدان المرجعية المهنية والسياسية.

انحصرت تاريخياً نوافذ الإعلام التقليدي في وزارة الإعلام إلى أن وضعت الوزارة مولوداً، وهو عبارة عن ذراع إعلامية خارجية تمثلت في مكاتب إعلامية في العديد من الدول الأجنبية والعربية أيضاً.

هذا المولود فرضته الظروف الدولية، التي صاحبت الغزو العراقي للكويت، على متخذ القرار السياسي بوجوب أن تكون هناك ذراع إعلامية خارجية للدولة، من أجل ديمومة الاستفادة إعلامياً وسياسياً من ذلك التكوين الجماهيري والرسمي الدولي الداعم للكويت وطناً وشعباً.

لكن سرعان ما ارتجفت الأيادي وتراجعت الإرادة الحكومية، مما أدى إلى دفن هذا المولود الحكومي الشرعي حياً، نتيجة خضوع القرار الحكومي للمساومات النيابية.

فقد صدر في عام 2007 قرار غير حصيف من مجلس الوزراء في وأد كل الأذرع الخارجية، ليس حفاظاً على «المصلحة العليا»، كما يحلو لكبار المسؤولين تسميتها، وإنما هو في الواقع لضعف القرار الرسمي في مواجهة الضغوط النيابية، بتلبية مطالب غير مشروعة في التعيين والتنفيع في المنصات الإعلامية الخارجية.

بعد سنوات من سياسة صمت القبور، خرجت الحكومة بفكرة ضرورة وحتمية قيام مركز للتواصل تابع لمجلس الوزراء بقيادة ناطق رسمي للحكومة، بينما ظلت وزارة الإعلام كما كانت عليه تقليدياً من دون تغيير يذكر.

تواجه الكويت اليوم فضائح فساد عديدة وذات أبعاد دولية، حتى أصبح اسم الكويت في صدر اهتمام الإعلام العالمي بشكل شبه يومي، بينما الإعلام الرسمي للدولة يتخذ موقفاً صامتاً!

لا صوت للناطق الرسمي ولا وزير العدل ولا وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، فمن الواضح أن ليس هناك توجيه سياسي نحو الشفافية الإعلامية الحكومية، بينما التغطية الإخبارية العالمية مستمرة بكثافة، من دون أي تفاعل رسمي كويتي.

في الوقت نفسه، اكتفت الحكومة بتوزيع معلومات انتقائية على الصحافة المحلية، باسم «مصادر حكومية» وكأن تحديد هوية المصادر من المحظورات!

لم تتغير السياسة الإعلامية للدولة حتى في ظل الفضائح الاخيرة ولا في النقل الاخباري المهني لا اكثر، بينما واصل الناطق الرسمي ووزارة الإعلام بتلاوة بيانات رسمية أشبه بالفرمانات ذات النص الموحد.. تلاوة ناقش واستعرض واستمع وصرح واستقبل وودع ووصل.. إلخ.

التغيير الذي حصل فقط في انتقال التلاوة من وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، كما كانت عليه سابقا الى الناطق الرسمي، ووزارة الاعلام في آن واحد.

بلاشك تلك التلاوة ليست تواصلاً جماهيرياً، فمن الممكن تلاوة البيانات خبرياً من قبل وكالة الانباء الكويتية، تقليصاً لتضخم الجهاز الحكومي، وحفاظاً على طبيعة الاعلام الرسمي اليتيم.

سمعة دولة الكويت على المحك شئنا أم أبينا، ومن يقول غير ذلك فهو واهم سياسياً وإعلامياً، ففضائح غسل الاموال والاتجار بالبشر لها علاقة بأجهزة الدولة الرقابية، ودور الحكومة الفعلي وليس الانشائي في التصدي لبؤر الفساد تحت الضوء الإعلامي العلني الرسمي.

إن ظن الاخ الشيخ صباح الخالد، رئيس الحكومة، بصحة السياسية الاعلامية، فقد جانبه الصواب قراراً وفعلاً، فالاحترام الدولي لا يكتسب خلف الكواليس، وإنما في العلن، وخير وسيلة في التواصل مع المجتمع الدولي والدول المعنية بالجرائم الكويتية المنشأ، في تبني شفافية إعلامية وفتح فضاء الإعلام الرسمي لنقل الأخبار ومتابعتها وتحليلها من زوايا مختلفة من أصحاب الاختصاص، من دون رقابة مسبقة او انتقائية سياسية، ترسيخاً لمصداقية مواقف الدولة اعلامياً.

ان الرهان على التكتم والتعتيم الاعلامي الرسمي بقصد او من دون قصد لا يعتبر موقفاً محايداً ولا قراراً حصيفاً، بل يجعل رئيس الحكومة قبل الكل مساءلاً كويتياً ودولياً.

تعليقات

اكتب تعليقك