داهم القحطاني: الفساد «الفاشينستي» لن يهزمنا نفسياً ولو قام هؤلاء باستعراض المجوهرات الغالية والساعات النادرة والسيارات الفارهة فالكويت ستنتصر ولن تسمح لهؤلاء الفاسدين باختطافها
زاوية الكتابكتب داهم القحطاني يوليو 19, 2020, 11:14 م 561 مشاهدات 0
تمر الكويت هذا الأيام بمرحلة حساسة من تاريخها السياسي الحديث، فالأزمات والفرص عديدة، والمحيط الإقليمي مقلق ومشجع في الوقت نفسه، والقرارات التي ستتخذ في هذه المرحلة ستكون ذات أثر طويل يمتد لحقب زمنية عدة.
نعم، هناك حديث كثير يدور عن حالات الفساد غير المسبوق، الذي قام به مسؤولون رسميون ينتمي بعضهم للأسرة الحاكمة، لكنه حديث يتم تداوله بالتوازي مع حملة غير مسبوقة أيضاً تقوم بها الحكومة، التي يرأسها أحد أفراد الأسرة الحاكمة، للتصدي وبقوة لهذا الفساد وبعدم التساهل معه رغم أنه يصدر من شخصيات كبيرة وذات تأثير، ولديها عبر شركات مختصة خبرات قانونية كبيرة في مجال غسل الأموال المتحصلة من عمليات تهريب المخدرات، ومن عمليات دولية أخرى محظورة.
مثل هذه المعارك الكبرى التي تخوضها الحكومة الكويتية، مدفوعة بضغط شعبي كبير ضد عمليات الفساد، تتطلب أيضاً عدم شعور المواطنين باليأس الذي يروج له البعض بحسن نية أحياناً وبسوء نية في أحيان أخرى، فمؤسسات الفساد تراهن في نجاحها، وفي هروبها من المساءلة على إشاعة أجواء عامة من اليأس والقنوط، بحيث لا يتشجع المسؤولون الرسميون، ونشطاء المجتمع المدني، المغردون والمدونون وكتاب المقالات، على الاستمرار في هذه المعارك الكبرى التي شهدت نجاحات عدة مؤخراً.
ما يقوم به المجتمع الكويتي حالياً من مواجهة مريرة مع الفساد والفاسدين عبر سلطة الرأي العام يكاد يكون أمراً مثالياً، فحملات الرأي هذه تشكل طاقة كبيرة لمؤسسات المجتمع المدني، وتشكل دافعاً كبيراً يعين الحكومة الكويتية على الإطاحة بالفاسدين وبمؤسساتهم المختلفة من دون خشية التعرض لما كان يقوم به هؤلاء الفاسدون سابقاً من حملات سياسية وإعلامية مضادة، كانت في سنين سابقة تطيح أي وزير أو ناشط يقوم بخطوات عملية لمواجهة الفساد.
لهذا كله من الضرورة التنبيه إلى أن أخطر ما يمكن أن تواجهه الحكومة والنشطاء في هذه المرحلة الحساسة شعور المواطنين باليأس من الإصلاح، ومن القنوط من منع عمليات الفساد، فتتشابه بذلك الأحوال، ولا نعرف المصلح من الفاسد، ونتحول إلى دولة شبه فاشلة تفقد كل فترة قدرتها على التنمية والمنافسة الإقليمية، وربما يكون هذا هدفاً بحد ذاته تتم رعايته إقليمياً من دون أن نشعر.
نحن لا ندعو إلى السلبية ولا إلى الشعور باليأس، ولا الى استسهال تخوين الآخر، فكل ذلك يجعل المسؤولين الشرفاء والنشطاء المخلصين يعملون تحت ضغط التشكيك الدائم، ولهذا علينا أن نثق بكل من أثبتت الأفعال أنه مخلص وشريف، فمن دون ثقة من الصعب جداً عمل هؤلاء في مناخ مشجع.
وعلينا مهما كانت الأخبار محبطة في مرحلة معينة تعميم الشعور المتفائل دوماً بأن الكويت وشعبها وحكومتها ونشطاءها سيتخلصون من وباء الفساد.
وعلينا تعميم هذا الشعور لدى الجميع، خصوصاً الشباب والنشء، فالخطوة الأولى والأهم في محاربة الفساد والفاسدين تكمن في منعهم من هزيمة المجتمع نفسياً، ومنعهم من خوض هذه المعركة بشروطهم، وهذا يتم للأسف حين ننهزم كشعب أمام الدعاية المضللة والخادعة لأساطين الفساد.
الفساد «الفاشينستي» لن يهزمنا نفسياً، ولو قام هؤلاء باستعراض المجوهرات الغالية والساعات النادرة والسيارات الفارهة، فالكويت ستنتصر ولن تسمح لهؤلاء الفاسدين باختطافها.
تعليقات