‫د.عبداللطيف بن نخي: شفافية المعلومات العامة أداة يمكن توظيفها في رفع قدرة المجتمع على تقييم نوّابه في المجلس الحالي والمجالس السابقة وتباعاً تنمية قدرته على اختيار الأكفأ في الانتخابات المقبلة‬

زاوية الكتاب

كتب د. عبد اللطيف بن نخي 760 مشاهدات 0


الأمانة العامة لمجلس الأمة توفّر درجةً من الشفافية وقدراً من الوثائق البرلمانية، عبر منظومة المعلومات البرلمانية المتاحة في موقع الأمانة على شبكة الإنترنت. رغم وجود نواقص وسلبيات في المنظومة، إلّا أنها وظّفت كوسيلة لإثبات تناقضات العديد من النوّاب السابقين والحاليين، ولإظهار زيف الكثير من حملات تجميل وتشويه سياسيين بارزين. وكان من بين أحدثها حملة تضليل استهدفت أعضاء اللجنة التشريعية الحالية، وذلك من خلال إعادة نشر خبر قديم حول رفض لجنة تشريعية سابقة أربعة اقتراحات بقوانين بشأن فرض ضريبة على تحويلات الوافدين المالية الخارجية.
الغريب أن تصريح رئيس اللجنة التشريعية آنذاك (قبل سنتين) النائب الحميدي السبيعي تم تقبّله، بعد تغطية إعلامية تفصيلية وواسعة من قبل وسائل الإعلام التقليدية كالقنوات التلفزيونية والصحف اليومية، إلّا أن ذات القرار استنكر بشدّة بعد أن تم إعادة نشره أخيراً في وسائل التواصل الاجتماعي. حيث تفاعل معه النشطاء السياسيون وأهل الاختصاص والجمهور وإلى جانبهم صحف يومية. ويرجح أن يكون التفاعل - المتأخر سنتين - دافعه قرب موعد الانتخابات البرلمانية وانزعاج البعض من إنجازات اللجنة التشريعية الحالية وخشية المواطنين من تبعات الانخفاض الشديد في السيولة المالية الناجم عن جائحة كوفيد-19.
بالرجوع إلى التقرير رقم (37) للجنة التشريعية المؤرخ 1/‏2/‏2018 يتبيّن أن اللجنة استندت في قرارها على «ستة» أسباب أحدها وجود «شبهة» دستورية. أي أن أعضاء اللجنة تباحثوا بشأن آراء «دستورية» تحظر وأخرى تجيز فرض الضريبة على حوالات الوافدين، ولم يُجمعوا على وجود مخالفة لأحكام الدستور، ولكنهم توافقوا على وجود «شبهة» دستورية.
وأما الأسباب الأخرى لقرار الرفض، فكان أحدها القصور في بيان النص التشريعي الذي شاب مقترحين من بين المقترحات الأربعة التي بحثتها اللجنة. فعلى سبيل المثال، جاء في تقرير اللجنة أن المقترحين «جاءا بنص يفرض الضريبة على كل شرائح المجتمع الكويتي بما فيها المواطنون رغم أن الهدف منهما حسبما جاء بمذكرتيهما الإيضاحية هي فئة الوافدين فقط».
والقصور الآخر في المقترحات الأربعة هو عدم معالجة أي منها التبعات المحتملة لفرض الضريبة، من قبيل «خلق سوق سوداء في تحويل العملات» و«استخدام قنوات وأساليب أخرى غير قانونية كالقيام بالتحويلات عن طريق المواطنين». وتكفي الإشارة هنا إلى حجم الحوالات المالية إلى مصر خارج القنوات الرسمية في الثمانينات من القرن الماضي، قبل توحيد سعر صرف الدولار في مصر.
كما أن اللجنة رأت أن فرض الضريبة على التحويلات الخارجية يتعارض مع نهج الدولة لجلب رؤوس الأموال الأجنبية وتنشيط التبادل التجاري. وهنا تجدر الإشارة إلى كلمة الوكيل المساعد للشؤون الضريبية في وزارة المالية فوزي القصار، في ندوة الضريبة الشاملة التي نظّمتها الجمعية الاقتصادية في أواخر 2008، حيث أكد فيها ضرورة انسجام القوانين الضريبية في الكويت مع محيطيها الإقليمي والعالمي، وأشار إلى بعض حالات رفض توقيع اتفاقيات تجارة مع الكويت بسبب عدم توافق نظامنا الضريبي مع النظام العالمي لجهة عدم التمييز بين المواطن والمقيم.
بعيداً عن رأيي في قرار اللجنة، تقريرها برهن أنها أبدت رأيها بمهنية عالية ومن عدة زوايا حول «فكرة» الاقتراحات بالقوانين الأربعة، وذلك وفق نطاق مسؤوليتها - تجاه تلك الاقتراحات - المنصوص عليها في المادة (97) من اللائحة الداخلية لمجس الأمة. في المقابل، معظم التعقيبات الحديثة - على قرار اللجنة الذي صدر قبل عامين - اقتصرت على دستورية الفكرة.
شفافية المعلومات العامة أداة يمكن توظيفها في رفع قدرة المجتمع على تقييم نوّابه في المجلس الحالي والمجالس السابقة، وتباعاً تنمية قدرته على اختيار الأكفأ في الانتخابات المقبلة... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

تعليقات

اكتب تعليقك