‫محمد المقاطع: الكويت اليوم أحوج إلى تأكيد محاربتها للفساد وتعزيز النزاهة والشفافية وعلى رأسها النزاهة والشفافية في العمل السياسي والممارسة الديمقراطية عبر صناديق انتخاب حُرّة‬

زاوية الكتاب

كتب د. محمد المقاطع 935 مشاهدات 0


تنظر محكمة الطعون بقيود الناخبين في المحكمة الكُلية 8 طعون قدَّمها 8 مواطنين، وذلك في الدوائر الانتخابية الخمس. ويعتبر تقديم هذه الطعون، استخداماً للحق المقرر لكل الناخبين في قانون الانتخابات رقم 35 لسنة 1962، خطوةً ووقفة تاريخية مفصلية في تاريخ الانتخابات الكويتية، فقد تزايدت في السنوات القليلة الماضية حركة نقل الأصوات الجائرة التي يمارسها بعض أعضاء مجلس الأمة أو بعض المرشحين لعضوية المجلس، وتتم عملية نقل الأصوات بشكل مبرمج ومذهل، ويثير كثيراً من التساؤلات والشكوك التي تحتاج إلى الفحص والتمحيص والتعقُّب، بل ربما الفضح.

فقد ذُهل الناس كيف يستطيع أن ينقل نائب حاليّ أو مرشح ما بين 300 إلى 1000 ناخب من دائرة إلى أخرى، دون أن يتم التصدي لهذه الظاهرة ومنعها والتحقيق فيها، رغم أن قانون الانتخابات يعطي وزارة الداخلية الحق في طلب البيانات والمعلومات، بل التحقيق من خلال لجان قيد الناخبين، فهل وزارة الداخلية مقصّرة أم متعمّدة عدم اتخاذ تلك الإجراءات؟ سؤال كبير يستحق البحث عن الإجابة، بل ومتابعة كل الناخبين، وإثارته ومحاسبة المسؤولين السياسيين كوزير الداخلية، وكذلك المسؤولين الإداريين العاملين في الجهات المعنيَّة بهذه القيود من جهة أخرى. 

وقد شهدت عملية نشر بيانات الناخبين اختلالاً كبيراً، فقد نُشر بجريدة "الكويت اليوم" في العددين الصادرين في 10 مارس و11 أبريل 2020 على التوالي، أسماء وقيود لما يزيد على 40 ألف ناخب، بصورة غير متطابقة، مع ما اشترطه القانون من نشر.

فعلى سبيل المثال، لم يحدّد في تلك القيود الدائرة المنقول منها الناخب أو المنقول إليها، وتُركت دون بيان واضح بشكل يثير التساؤل والريبة والعجب، كما أنه قد تكدّس في بعض العناوين، ومنها أراض فضاء أو قسائم مهجورة، عشراتُ الناخبين ممن لا تربطهم صلة قُربى ولا صلة عائلية، وهو أيضاً ما يثير الشك والريبة، كما تكدّس على عدد كبير من العناوين أسماء عشرات الناخبين على عنوان منزل واحد، ونحن نعرف أن العنوان الواحد لا يتجاوز ناخبوه في أحسن الأحوال 15 شخصاً، فكيف يصل في البعض منها إلى 60 أو 70 ناخباً؟! حتى المتوفّون المنشورة أسماؤهم تثير التساؤل والريبة، فقد نُشر ما يقارب 6000 شخص متوفّى، مما يعني أن ذلك يمثّل في أقل تقدير 7 سنوات ماضية، وهو ما يثير التساؤل عن صحة الانتخابات الماضية، في ظل وجود هذا العدد الضخم لمتوفين وأسماؤهم مُدرجة ضمن الناخبين، وهو ما يطرح أيضاً التساؤل عن مدى وجود ناخبين متوفين حتى الآن في كشوف الناخبين، وأثر ذلك في تغيير إرادة الأمة الحقيقية بالانتخابات القادمة. 

ولعل الطعون الانتخابية هي فرصتنا التاريخية كمواطنين لأن تتم إعادة الأمور إلى نصابها، وذلك من قبل القضاء، لتكون تلك وسيلة حماية سجلات الناخبين من العبث، واسترداد إرادة الأمة، بجعل تلك السجلات نقية من أي عبث يشكّل سُحُب وغيوم تزوير إرادة الأمة في الانتخابات القادمة.

ولا شك في أن الكويت اليوم أحوج إلى تأكيد محاربتها للفساد، وتعزيز النزاهة والشفافية، وعلى رأسها النزاهة والشفافية في العمل السياسي والممارسة الديمقراطية عبر صناديق انتخاب حُرّة غير معيبة بقيود انتخابية يشوبها عوار وخلل من الناحيتين القانونية والسياسية معاً. ونحن بانتظار الأيام القادمة التي تُحدث التغيير باتجاه إعادة إرادة الأمة المسلوبة، بسبب ما يلحق قيود الناخبين من تغيير أو عبث.


تعليقات

اكتب تعليقك