الباحث مبارك الجري يسلط الضوء على موقف وتحولات راشد الغنوشي من الغزو العراقي للكويت

محليات وبرلمان

رئيس النهضة في حوارات ما بعد تحرير الكويت أوضح أن الحركة رفضت إحتلال الكويت لكنها كانت ضد التدخل الأمريكي

الآن 1086 مشاهدات 0


نشر الكاتب والباحث مبارك الجري سلسلة تغريدات تحدث فيها عن موقف رئيس حركة النهضة التونسية ورئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي من الغزو العراقي الآثم على ضوء ردود الفعل التي أثارتها الدعوة التي قدمها لها رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم عبر سفير الكويت في تونس .

و جريدة  تعيد نشر تغريدات الباحث الجري لما لها من أهمية ، ونظرا لأنه أحد الخبراء المتخصصين بشأن التيارات الإسلامية ، كما أن موضوع رسالته في درجة الماجستير كان عن تحولات حركة النهضة التونسية . 

تغريدات مبارك الجري



قرأت مقالات عديدة كتبها راشد الغنوشي في سبعينات القرن الماضي لاسيما في مجلة المعرفة فضلا عن إصداراته.
هنا أتحدث عن عقلية (احتجاجية)تشكلت في السبعينات و تغيرت و مرت بمراجعات صارت واضحة مابعد الاعتراف بحركة النهضة قانونيا. هذه المراجعات بمثابة ولادة جديدة لحركة النهضة فرضتها تحولات سياسية و اقتصادية تأتي بمقدمتها الثورة التونسية و الانتقال الديمقراطي الذي جعل من حركة النهضة قوة سياسية .
ولو لم يراجع الغنوشي أفكاره لصارت حركته مجرد ذكرى بصفحات التاريخ.
وهنا سأتطرق الى حماسة الغنوشي ومراجعاته خاصة تجاه قضيتين مهمتين ،الثورة الإيرانية و الغزو العراقي.

و قبل عرض مواقف الغنوشي من القضايا السابقة ، ينبغي الاشارة الى أن التغريب البورقيبي و عنف بن علي لعبا دورا رئيسا في تشكيل عقلية الغنوشي الاحتجاجية ، وفي المنفى البريطاني حدثت عدة تغييرات استمرت لغاية الثورة التونسية ، فصار الانتقال واضحا من الاحتجاج الى المشاركة السياسية.

١- الثورة الايرانية؛
ذكر الغنوشي في كتابه( من تجربة الحركة الإسلامية في تونس ):
أن الحركة دعمت الثورة ، بسبب مقولة ( الصراع بين المستضعفين و المستكبرين )،لذلك اشتد حماسنا للثورة الايرانية،ولقد جاءت هذه الثورة في الوقت المناسب لتعطينا أدوات تحليلية اسلامية لصراعات لم تستطع
بضاعتنا الثقافية التقليدية تأطيرها .
و يضيف الغنوشي عن موقف الحركة من الثورة الايرانية "لم نلقِ بالاً لبعدها الشيعي الذي مثل حاجزا بينها و بين المسلمين في المشرق ..فقد استفدنا من أبعادها الاجتماعية دون تبني نهجها في التغيير  ".وانتقد الغنوشي هذه الثورة باعتبارها "مشروع مغلق" لا يمكن أن تهضمه البيئة التونسية ،هنا مسألة مهمة يطرحها عن خصوصية البيئة التونسية.هذه المراجعة تسببت في هجوم دورية "الحرس الثوري"على الحركة كما يذكر الغنوشي

*لاحظوا التغير الذي حصل في موقف الغنوشي من الثورة الايرانية ،فبعد ان كانت داعمة للمستضعفين صارت مشروع مغلق ترفضه تونس.

٢- الغزو العراقي الغاشم :
تشابه موقف الغنوشي من احتلال دولة الكويت مع موقف نظام بن علي ، وهنا نتحدث موقف نظام و موقف رئيس حركة اسلامية في المنفى .
و هناك مقطع فيديو متداول في وسائل التواصل الاجتماعي للغنوشي عندما كان في السودان قال فيه :
أنه ضد أعداء الاسلام ومن يقف بجانبهم  وحول فيه الغازي والمغتصب كضحية بعد تدخل القوات الاميركية،في هذا الخطاب أخطأ الغنوشي بحق الكويت وشعبها ولا يوجد شك في ذلك ،بل أن حماسته و أفكاره الاحتجاجية الغير مستقرة صورت له أنه في الموقف الصحيح الذي يعبر عنه الإسلام.

*ولكن ماذا حصل بعد تحرير دولة الكويت من الغزو العراقي؟

أجرى الصحفي السوري قصي صالح الدرويش رحمه الله بعد تحرير دولة الكويت حوارات طويلة وثقها في كتاب اسمه ( حوارات قصي صالح الدرويش راشد الغنوشي ) تناول فيه مواضيع عديدة من بينها ( الحركة الإسلامية و أزمة الخليج ).
في هذه الحوارات يمكن فهم مراجعات الغنوشي وان لم يصرح بها بشكل مباشر.

سأقتبس أهم ردود الغنوشي على الأسئلة المرتبطة بموقف الحركة الاسلامية من الغزو العراقي:

- في أجواء المعارك تستفز المشاعر ، و تتصنف المواقف ليس بطريقة نسبية إنما بطريقة فاصلة .

وليس من الضروري أنك إذا كنت مع هذا الطرف أنك مع كل مبادئه او في كل مواقفه .

- حركتنا في موقفها الرسمي لم تقبل غزو العراق للكويت،بل اعترضت عليه منذ أيامه الاولى،والوفد الذي اشتركت به عبر عن مواقفه في بيانات دعت كلها العراق إلى الانسحاب ودعت الجيوش الاجنبية الى الانسحاب وهذه البيانات مكتوبة.بعد اندلاع الحرب لم يكن بإمكاننا الوقوف مع طرف القوات الاجنبية.

واذا تم مقارنة خطاب الغنوشي في السودان الذي قال فيه " سندمر مصالح امريكا في كل مكان "مع هذا الرد، سنلاحظ أنه اكتفى  برفض التدخل الاجنبي .

- لوكنت مكان الرئيس العراقي بعد انتهاء الحرب لاستقلت .

- في هذه الحوارات انا لا ابرر الغزو انا احلل . الكويت وطن عزيز ضمن أمة الاسلام والعرب يتبادل التضامن و الحماية مع بقية أجزاء الأمة الاسلامية ولا مستقبل للجميع إلا في إطار الكل .ديمقراطيًا مسلما موحدا !


خطاب الغنوشي اثناء الغزو ليس كردوده في هذه الحوارات باستثناء اعتراضه على التدخل الاجنبي.

الغنوشي اخطأ في حق دولة الكويت وهذا لا شك فيه .
ولكن الملاحظ أن الغنوشي لم يقدم اعتذارا لدولة الكويت ولكنه نسف بهذه الحوارات مقولة"ان تحرير فلسطين عبر الكويت"التي كانت سببا رئيسيا في تحديد موقفه من الاحتلال.
في فترة الاحتجاج كانت الحماسة و الغضب و سرعة التقييم  تتحكم بمواقفه.
الآن اتضحت الصورة لديه  في حال استمرار شعبوية الماضي ستنتهي الحركة.


واخيرا ، الثابت الوحيد في السياسة هو التغيير .  
و هذا منطلق السياسة الخارجية الكويتية منذ عهد الشيخ مبارك الكبير رحمه الله ، فضلا عن حرصها على التوازن
... وفي هذا الاطار يمكن فهم علاقة دولة الكويت بالدول الاخرى .

تعليقات

اكتب تعليقك