‫د. عبداللطيف بن نخي: هناك وسائل ومجاميع إعلامية اعتادت على تضليل المواطنين أثناء الاستجوابات واستدراجهم لدعم أجنداتها لذلك أدعو إلى الحذر منها والتعاطي بواقعية مع استجواب العدساني‬

زاوية الكتاب

كتب د. عبد اللطيف بن نخي 586 مشاهدات 0


انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يشير إلى أهمية معرفة العلاقة بين انتماءات الصحف وبين سياساتها الإعلامية، من أجل فهم «لماذا كتب هذا الخبر، وليش هذي السالفة انحطّت مانشيت والسالفة الثانية ما انحطّت بهالجريدة وانحطت بذيج الجريدة».
هذا المقطع يفترض أنه سيساهم في تنمية الوعي السياسي المجتمعي، لأن معرفة أجندات الصحف ستُحصّن أفراد المجتمع - بدرجات متفاوتة - من الاستدراج إلى مسارات من دون دراية. لذلك يجب أن تتسع هذه الدعوة لتشتمل كل المؤسسات الإعلامية، الرسمية منها وغير الرسمية كتلك المنتمية إلى التكتلات السياسية في وسائل التواصل الاجتماعي.
لدينا في الكويت تكتلات سياسية معارضة تمتلك مجاميع إعلامية افتراضية (في وسائل التواصل الاجتماعي) مؤثرة جداً وقادرة على توجيه الرأي العام، ونجحت مراراً في التأثير على القرار الحكومي، وتغيير مواقف الكثير من النوّاب، خلال العقد الأخير.
رموز التكتلات السياسية المعارضة، مدعومة بمجاميعها الإعلامية، تبنّوا على مدى السنوات الأخيرة رأياً حماسيّاً سطحيّاً جامداً يؤيد الاستجوابات وإن كانت غير دستورية. وكانوا يزدرون ويتهكّمون بالآراء والمواقف المغايرة، ويرمون أصحابها بتهمة الموالاة للحكومة وقوى الفساد. ويرى المراقبون أن الهدف الحقيقي وراء هذه السياسة الجامدة المتطرّفة هو مضاعفة قدراتهم على توجيه القرارات البرلمانية أو المشاركة فيها، وقطف ما سيترتب عليها من مكتسبات مأمولة.
بعد أن قدّم النائب رياض العدساني استجواباً إلى وزير المالية برّاك الشيتان، العديد من هذه المجاميع الإعلامية المعارضة انقلب رأيها الجامد تجاه الاستجوابات إلى النقيض. وكذلك هو حال بعض رموز المعارضة ولكن بصورة مبطّنة، حيث سعوا إلى إفشال الاستجواب بطرق غير مباشرة، من قبيل الثناء والتأكيد على كفاءة وأمانة معالي الوزير والمطالبة باستبدال الاستجواب بآخر مُوحّد يوجه إلى سمو رئيس الحكومة.
ومن بين هؤلاء الرموز النوّاب السابقون الدكتور وليد الطبطبائي والدكتور حسن جوهر والمحامي أسامة المناور والنائب محمد المطير، بالإضافة إلى الشيخين بسام الشطي وحمد السنان.
أستاذ القانون العام الدكتور محمد المقاطع صرّح عبر «تويتر» أن استجواب العدساني للشيتان مليء بمخالفات دستورية جسيمة، لأنه يحاسب الوزير على وقائع قديمة، وأخرى تدخل بالسياسة العامة للحكومة. لذلك يفترض «ألا يدرج على جدول أعمال المجلس»، حسب رأي المقاطع. اللافت للانتباه أن هذه تغريدة تم إعادة نشرها من قبل الكثير من المغردين، الذين شجبوا شطب استجوابات سابقة أو بعض محاورها بقرار من المجلس بعد مداولتها!
لست بصدد التشكيك في نزاهة الشيتان، ولكنني مستغرب من موقف المعارضة التي استنكرت على مدى السنوات الأخيرة شغل المناصب القيادية بأشخاص من خارج الجهة الحكومية، وأجازت لنفسها اتهام المؤسسات الحكومية صراحة - ومسؤوليها ضمنا - بالفساد قبل التحقق من مصداقية الاتهامات، كيف تخلّصت هذه المعارضة من هاتين العادتين في حالة الشيتان؟
فالشيتان لم يكن من منتسبي الهيئة العامة لشؤون القصر عندما عُيّن مديراً عاماً فيها قبل خمس سنوات. كما أنه كان في سنوات سابقة عضواً في مجالس إدارة العديد من الجهات التي تتهمها المعارضة بالتقصير والفساد، منها على سبيل المثال بنك الكويت المركزي، والشركة الكويتية للاستثمار، وهيئة تشجيع الاستثمار المباشر وبيت الزكاة وبيت التمويل الكويتي.
لا أستبعد أن يؤيّد المتضررون من قرارات الشيتان الأخيرة استجواب العدساني، ولكنني في ذات الوقت لا أستبعد أن يُعارضه المستفيدون من قراراته. وحيث إن هناك وسائل ومجاميع إعلامية اعتادت على تضليل المواطنين أثناء الاستجوابات واستدراجهم لدعم أجنداتها؛ لذلك أدعو إلى الحذر منها، والتعاطي بواقعية مع استجواب العدساني، فالحدث سياسي برلماني وليس صراعاً بين الحق والباطل... «اللهم أرنا الحقّ حقاً وارزقنا اتباعه».

تعليقات

اكتب تعليقك