داهم القحطاني: الوعي الشعبي المتنامي سيغير معادلات الاستجوابات البرلمانية ولن يسمح لنائب مفوه بإسقاط وزير إصلاحي فالقوة الحقيقية هي قوة الحق وليس القوة في تجريح وإحراج الوزراء في جلسات الاستجواب
زاوية الكتابكتب داهم القحطاني يونيو 9, 2020, 9:45 م 645 مشاهدات 0
الوعي الشعبي تنامى كثيراً بعد أزمة وباء كورونا، فالأزمات دائماً تصنع التغيير في مناحٍ عدة من الحياة.
وتمثل هذا الوعي الشعبي المتنامي في موقف أغلبية الكويتيين من الاستجوابين المقدمين لوزيري المالية والتربية، فللمرة الأولى نجد أن الشعب بأغلبيته يدافع عن الوزراء ضد النواب.
التأييد الشعبي الذي يحصل عليه وزير المالية براك الشيتان، ووزير التربية سعود الحربي، لم يكن لأسباب عنصرية أو طائفية، بل فقط لأن الشعب استشعر أنهما يستجوبان فقط لأنهما طبقا القانون، ولأنهما جعلا المصلحة العامة مقدمة على ما سواها.
الاستجوابات البرلمانية في الكويت تنجح عادة ليس لأن مادة الاستجواب تتضمن إدانة للوزراء، ولكن غالباً تحقق هذه الاستجوابات أهدافها باستقالة الوزراء لأن النواب يقتنصون توقيت الاستجوابات بحيث يتزامن مع موجة من الغضب الشعبي على الأداء الحكومي.
لهذا وجدنا استجوابات ضعيفة تطيح بوزراء أقوياء، والسبب أن هناك ذكاء نيابياً في اختيار توقيت الاستجوابات.
هذه المرة كان التوقيت خاطئاً، فوزير المالية يتخذ إجراءات غير مسبوقة لحماية الأموال العامة، منها استرداد 7 مليارات دينار كويتي من مؤسسة البترول الوطنية وشركاتها لتعود إلى الميزانية العامة للدولة، والقيام بإحالة مسؤولين في مؤسسة التأمينات الاجتماعية إلى جهات التحقيق لوجود شبهات مس بالمال العام، وطلب وقف إجراءات دمج بعض البنوك للتأكد من عدم المساس بالمال العام.
وكذلك توقيت استجواب وزير التربية سعود الحربي كان خاطئاً؛ فالوزير بدا حازماً حين رفض إنهاء العام الدراسي من دون استكمال المنهج التربوي، وهو الإجراء الذي وجد ثناء وتقدير التربويين المتخصصين، فالانسياق لبعض المطالبات الشعبية والنيابية كان سيؤدي إلى كارثة تعليمية تمتد آثارها لسنين طويلة.
نعم الاستجواب حق دستوري، لكن النائب والوزير لا يتحدثان عن شأن خاص كي يقال للناس دعوا النواب يمارسون حقهم كاملًا من دون تأثير، فالرأي العام مطلوب منه مناقشة الاستجوابات طالما تقدم النواب بها، وهذا الرأي العام هو الذي يوجه المواقف داخل مجلس الأمة.
هذا ما نصت عليه المذكرة التفسيرية للدستور الكويتي، حيث بينت في مواقع عدة أهمية الرأي العام، وضرورة أن يتناغم النواب معه على اعتبار أن الأمة لها السيادة في النظام الديموقراطي، والنائب في حقيقته وكيل عن صاحب الحق الأصيل وهم الناخبون.
الوعي الشعبي المتنامي سيغير معادلات الاستجوابات البرلمانية ولن يسمح لنائب مفوه بإسقاط وزير إصلاحي، فالقوة الحقيقية هي قوة الحق، وليس القوة في تجريح وإحراج الوزراء في جلسات الاستجواب.
تعليقات