د.فيصل الشريفي: أزمة كورونا لم تكشف أي شيء جديد فكل الملفات المرتبطة بسوء الإدارة والفساد ليست وليدة الساعة بل إن معظمها نهج من الصعب القضاء عليه بجرة قلم كما يدعي البعض
زاوية الكتابكتب د. فيصل الشريفي مايو 26, 2020, 10:23 م 766 مشاهدات 0
المشكلة تكمن في طريقة تعامل الحكومة مع العمالة الأجنبية، وكيف تسمح بوجودهم دون إخضاعهم للاختبارات المهنية ودون مرورهم بإجراءات التصديق ذاتها على شهاداتهم من قبل وزارة التعليم أسوة بالمواطن الكويتي.
وَمَا تَركَتْ لَكَ الأَيَّامُ عُـذراً
لَقَد وَعَظَتْكَ لَكِنْ مَا اتَّعَظتَا
أزمة كورونا لم تكشف أي شيء جديد فكل الملفات المرتبطة بسوء الإدارة والفساد ليست وليدة الساعة، بل إن معظمها نهج من الصعب القضاء عليه بجرة قلم كما يدعي البعض، لكنها فرصة للمواطن استطاع من خلاله أن يخرج ما في نفسه حتى لو كان كلاما في كلام.
من بين هذه الملفات احتلت مشكلة التركيبة السكانية في دولة الكويت مساحة كبيرة من مواقع التواصل الاجتماعي لأسباب كثيرة لست مهتماً بسردها في هذا المقال، لذلك سأكتفي بالإشارة إلى نسبة الأجانب للمواطنين التي وصلت 70%، وقد أكون متفائلاً جداً لو قلت إن 40% من هذه العمالة زائدة على الحاجة وليس لها أي أهمية، بل إن منهم ليس لديه عمل يؤديه بسبب القوانين الرخوة التي مكنت وصوليا فاسدا من زيادة رصيده البنكي على حساب مصلحة الدولة.
جدية الحكومة لا تقاس بنسبة نجاحها في تقليص عدد الوافدين المخالفين لقوانين الإقامة بهذه الظروف ولا بمعاقبة تجار الإقامات الفاسدين رغم استحققاهم لذلك، إنما بتبنيها نوعية التشريعات والقوانين التي من شأنها معالجة القوانين القائمة ومن ثم توجيه وجود العمالة الوافدة نحو الاحتياجات الفعلية للتنمية في القطاعين العام والخاص.
سياسة الإحلال ليست بالقضية الصعبة إن كانت هناك خريطة طريق محددة المعالم تحاكي رؤية الكويت واحتياجات القطاعات وهذا لا يعني الاستغناء عن عموم العمالة الوافدة بل حصرها في عمالة فاعلة تساهم في بناء الوطن بعيدا عن سياسة الصوت العالي والتنفيع مهما كان شكله أو من يقف وراءه.
مهما تعالت الأصوات التي تنادي بحل التركيبة السكانية لن تجدي نفعا مادامت هناك ضبابية برؤية الحكومة ومادام هناك كلام على الورق لا ينفذ وتباين في الأماني على أرض الواقع.
أكثر عبارة تؤلمني «سفروا الوافدين» تذكروا هذه الجملة!
في تاريخ 27 فبراير ٢٠١٩ لي مقال تحت عنوان «وقفة مع شهادات الوافدين» تعرضت فيه لضرورة إخضاع العمالة الوافدة إلى اختبارات نظرية وعملية للوقوف على كفاءتهم المهنية قبل السماح لهم بالعمل، حيث تطرقت في هذا المقال إلى مرسوم إنشاء منظومة المؤهلات المهنية الذي يهدف إلى التدقيق على صحة بيانات العمالة الوافدة من خلال إخضاعهم لاختبارات مهنية، ومن ثم إعطاؤهم هوية مهنية تمكنهم من العمل في حدود اختصاصهم المهني الذي أتوا من أجله، لكن وبكل أسف تم وأد المنظومة بعد سنوات من العمل الجاد في تجهيز أغلب الاختبارات المهنية والبطاقات الوظيفية ولأغلب الوظائف.
العمل بالمنظومة كان في أيام الوزيرة هند الصبيح التي أتمنى عليها بيان الأسباب التي أدت إلى اتخاذها قرار إغلاق المنظومة دون مراعاة لأثر مثل هذا القرار على التركيبة السكانية، ولا على سلامة البيانات التي مكنت العامل الأجنبي من الحصول الإقامة.
المشكلة تكمن في طريقة تعامل الحكومة مع العمالة الأجنبية، وكيف تسمح بوجودهم دون إخضاعهم للاختبارات المهنية ودون مرورهم بإجراءات التصديق ذاتها على شهاداتهم من قبل وزارة التعليم أسوة بالمواطن الكويتي.
إحلال المواطنين محل الوافدين ليس الهدف إن كانت الوظيفة التي يؤديها الوافد لا يستطيع القيام بها سواه، فهناك الكثير من الأعمال لن يقوم بها المواطن، لكن المطلوب حصرها مع ضرورة إلغاء نظام الكفيل.
ودمتم سالمين.
تعليقات