‫وليد الرجيب: هذه الإجراءات الضاغطة معيشياً على الناس سيقابلها سخط وغضب واحتجاجات شعبية ولكن الأنظمة ستكون جاهزة بإجراءات مقيّدة للحريات وبإجراءات بوليسية قمعية تحت ذرائع كثيرة‬

زاوية الكتاب

كتب وليد الرجيب 873 مشاهدات 0



إذا ما خرجنا قليلاً من دائرة تركيزنا الحالي ونحن في معمعة هذه الجائحة، التي شغلتنا وشغلت العالم برمته، وفكّرنا بما يمكن أن تؤول إليه الأمور، بسبب الآثار الاقتصادية تحديداً على دول العالم، بعد أن وصل الحال إلى أزمة قد تكون هي الأكبر منذ ثلاثينات القرن الماضي، وكيف ستستعيد بعدها الدول والعالم أجمع، شتات نفسه وإحياء اقتصاداته، وبالأخص تلك الدول الرأسمالية، التي اعتادت على الربح ومضاعفته لبعض الشركات.
لقد اتجهت هذه الدول في القرن الماضي، إلى حروب عالمية للاستحواذ وإعادة اقتسام النفوذ والثروات، لكي تحل ما مرت به من أزمات عميقة، وهو ما قد تحول دونه الآن ظروف عالمية مستجدة، على مستوى الأحلاف والتطور التكنولوجي في صناعة الأسلحة شاملة الدمار.
ولأن الدول الرأسمالية لن ترضخ للنتائج الاقتصادية التي ستترتب بعد انتهاء الوباء، فإنها ستلجأ إلى أسلوب مجرب من دون اللجوء إلى حروب شاملة، وهو تحميل أعباء نتائج الوباء على كاهل الفئات الشعبية والفقيرة والطبقة العاملة، لتعويض العجز في موازناتها، من خلال فرض أو زيادة الضرائب المفروضة على تلك الفئات، وزيادة الرسوم على الخدمات، ورفع الدعم عن السلع.
هذه الإجراءات الضاغطة معيشياً على الناس، سيقابلها سخط وغضب واحتجاجات شعبية، ولكن الأنظمة ستكون جاهزة بإجراءات مقيّدة للحريات، وبإجراءات بوليسية قمعية تحت ذرائع كثيرة، مثل الأمن القومي والطابور الخامس، من خلال تقييد حرية التعبير والرأي، ومنع التجمعات والمسيرات السلمية وتقييد حرية الإعلام، وكل ما يلزم لردع العدو الخفي، رغم أن كثيراً من الأنظمة والحكومات لا يحتاج إلى أزمات كي تُتخذ مثل هذه الإجراءات.
يعتمد على نوعية النظام في حل مثل هذه الأزمات، فإذا كان نظاماً منحازاً للأقلية على حساب أكثرية الشعب، فسيتشدّد في تقييد الحريات، لأنه الطريق الأسهل لتنفيذ سياسة الانحياز، أما إن كان منحازاً إلى غالبية الشعب، فسيبحث عن أفضل الحلول العلمية والصائبة، لتقويم مسيرة ونهج الاقتصاد، وهناك أمثلة ساطعة عن دول كانت تعاني من فقر مدقع، ثم نهضت بفضل خططها الواضحة واستراتيجيتها لبناء اقتصاد متين ومُستدام.
فالدول جميعها تملك إمكانيات الإنتاج والبناء، وتملك طاقات بشرية متعلّمة لديها مهارات متعدّدة، وتملك رؤية وإدارة تؤهلها من استثمار الموارد والطاقات، التي وفّرتها الطبيعة الأم للبشر، من بحار وأنهار ورياح ورمال وطاقة شمسية، هذا ناهيك عن الظروف المناخية والثروات التي تحويها بواطن أراضي هذه الدول، فلماذا إذاً يستغلون عرَق وشقاء البشر، ويفضّلون الكسب السهل على التعاون والعمل والإنتاج؟!

تعليقات

اكتب تعليقك