‫داهم القحطاني: رغم كل ما يحصل من حولنا فلا يزال الشيخ ناصر صباح الأحمد يتمسّك بمشروع تحديث الكويت وتجديد فاعليتها كقوة اقتصادية مؤثرة في الإقليم‬

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 721 مشاهدات 0


‫رغم كل ما يحصل من حولنا فلا يزال الشيخ ناصر صباح الأحمد يتمسّك بمشروع تحديث الكويت وتجديد فاعليتها كقوة اقتصادية مؤثرة في الإقليم؛ فعاد بمقالة عنوانها «إحياء الميناء» أو إحياء مشروع الكويت 2035. ‬

‫الرجل يواصل قرع الأجراس منذ نحو 30 سنة لينبّهنا جميعا إلى أن غياب هذا المشروع عن خريطتنا يعني عملياً فقدان الكويت التأثير، ولن ينفعنا حينها وجود المال الوفير؛ فالعواصف التي تهبّ في العالم تُسقِط، أول ما تُسقط، الدول التي لا تملك سوى أرصدة مصرفية تتآكل بسبب عشوائية الصرف، وتزايد انتهاكات الأموال العامة، والأهم من ذلك عدم وجود خطة طموحة وواضحة لتحويل تلك الأرصدة لفرص استثمارية تتيح استمرار هذا الرخاء المالي، ولا تجعله عرضة للتقلّبات. ‬

‫لكن، لماذا لم ينجح الشيخ ناصر صباح الأحمد في البدء بتنفيذ هذا المشروع الحلم، رغم كل ما لديه من إمكانات؟! وحتى هذه اللحظة، لماذا لم يوفَّق في حشد التأييد الشعبي لهذا المشروع، ليوازي الدعم الرسمي، فينطلق المشروع من دون أن يكون منبوذاً ومحلاً للشبهات؟!.. ‬

‫نتكلّم عن المشروع. حين بدأ الشيخ جابر الأحمد مسيرته التنموية، التي تستهدف تحديث الكويت بمشروع مماثل، كان يحظى بدعم أمير الكويت الراحل الشيخ عبدالله السالم، تماماً كالشيخ ناصر صباح الأحمد الذي يحظى بدعم سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، أحد قادة مشروع نهضة الكويت، لكن الشيخ جابر آنذاك أدرك أن هذا المشروع لا يمكن أن ينجح، ما لم يتولَّه فريق من رجال الدولة من السياسيين المؤهّلين الذين لديهم قدر من الكفاءة والخبرة والنزاهة والقدرة الميدانية على مواجهة كل عواصف التشكيك، وألغام التخريب ممن سيتضرر من هذا المشروع التنموي والتحديثي، وهم كُثر في ذلك الوقت، وفي وقتنا الحالي. ‬

‫وبهذا المعنى أدرك الشيخ جابر الأحمد ـــــ بفطرته البدوية، التي اكتسبها طوال سنوات طويلة، عاشها مع القبائل خلال فترة حكمه لمدينة الأحمدي وحقول النفط في الخمسينيات ـــــ أن الأمر يتطلب رجال دولة يتعاملون مع الذئاب والثعالب، الذين يتربّصون دائما بكل فريسة، لا تتوافر لها الحماية من الرجال الأشداء من أصحاب القوة والفطنة. ‬

‫رجال الدولة هؤلاء مهمتهم الترويج لهذا المشروع، وحمايته عبر قدراتهم السياسية والتنظيمية؛ ولهذا لم يَقُد مشروع النهضة في الكويت خبراء النفط، وخبراء الاستثمار، وخبراء تقنيات الاتصال.. فهؤلاء موظفون تنفيذيون لا يستطيعون كسب المعارك السياسية والمجتمعية التي لا تزال تكبّل مشروع الكويت 2035. ‬

‫في تجربة مشروع الكويت 2035 خلال السنتين الماضيتين عانى المشروع من فقدان الدعم الشعبي الحقيقي القائم على البحث عن المصلحة المباشرة للمواطن العادي، الذي هو أساس هذا المشروع. ‬

‫السبب ببساطة لأن مشروع الكويت 2035 لم يتم تسليمه لوجوه سياسية جديدة أو جديدة نسبية تحظى بثقة الناس ودعمهم، لأن لهم سجلاً مشجعاً في العمل السياسي الوطني، أو لأن لديهم قدرة على كسب هذا التأييد لأي مشروع يدعمونه. ‬

‫لنتذكر دائماً أنه، ورغم كل الجهود والترتيبات والخطط البرّاقة، لا يمكن لشخص واحد، وإن كان بمواصفات الشيخ ناصر صباح الأحمد، أن ينجح في وضع مشروع الكويت 2035 على سكة التنفيذ، ما لم يكن لديه فريق من رجال الدولة من المؤهلين سياسياً بالدرجة الأولى، لحماية هذه المشروع التحديثي من أعداء كل تغيير يمسّ المصالح والمراكز المستقرة طوال عقود. ‬

‫الشيخ جابر الأحمد لم ينجح من دون هؤلاء، ومن أبرزهم: عبدالرحمن سالم العتيقي، عبدالعزيز حسين، خالد المرزوق، جاسم المرزوق، بدر البدر.. ومجموعة أخرى من رجال الدولة الميدانيين الذين لم ترصدهم الوثائق والسجلات، لكنهم معروفون في التاريخ الشفهي لمن عاصر تلك المرحلة. ‬

‫طوال المقالة لم أقل إن هناك رؤية الكويت 2035، والسبب أنه حان الوقت لنبدأ بالتعامل مع هذه الرؤية لتكون مشروعاً، يتطلّب التنفيذ، لا رؤية نتعامل معها وكأنها شيء افتراضي نتحدث عنه ولا نراه.   ‬

‫نعم، «لنحيي الميناء» من دون تأخير. ‬

تعليقات

اكتب تعليقك