الصمت الخليجي في شوارع طهران

عربي و دولي

2151 مشاهدات 0


أكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي ان الأحداث الحاصلة في إيران هي شأن داخلي ومن مسؤولية الحكومة الإيرانية وأن أي تدخل من أية جهة غير مقبول، من جهة أخرى تخطت تركيا دائرة التبرؤ الخليجي  إلى دائرة الحض بحزم حين قال الناطق باسم وزارة الخارجية التركية بوراك أوزوغرغن  ان أنقرة  قد حضّت طهران على إيجاد حل للأزمة في 'اقرب وقت ممكن' مؤكدة أهمية استقرار المنطقة. ليختم سيد البيت الأبيض  باراك أوباما المشهد بالخروج من صمته وإصدار إدانة صريحة لقمع المظاهرات بعد أن أحرجته صور اليوتوب للفتاة الإيرانية 'ندا أغا سلطان' وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة في مشهد يدمي القلوب.

ندا أغا سلطان
وفي زمن العولمة تعني العلاقات الدولية طغيان النزعة العالمية على الأحداث و تلاشي الحدود أمام الاتصال وسرعة التفاعل، وتراجع الكثير من قواعد الدبلوماسية القديمة، فهل العلاقات الدولية في العرف في المدرسةالخليجية نقيض ذلك بحجة عدم التدخل في شأن داخلي إيراني؟
لم يكن تعليق تركيا على الأحداث الإيرانية متسقا  فقط مع حجم تركيا بل مع كون تركيا إحدى دول الجوار للجمهورية الإسلامية في إيران، فهي جزء من نظام الأمن التركي لتشابك المصالح وتعددها، وبنفس منظور حجم المصالح تتساوى دول مجلس التعاون مع تركيا في حجم القلق المفروض أن يعتريها جراء ما يحدث في شوارع طهران.
إن مايجري  في إيران هو حتمية تاريخية لتراكمات سابقة، أكثر من كونه  مرحلة في سيناريو صراع الإصلاحيين والمحافظين التي شهدناها سابقا.وهو تحول فكري وحضاري مفصلي ضخم، وهذه التحولات تحمل لنا الخطر في بعض أطوار تشكلها.
لقد ورد في الأنباء طرد الحكومة الإيرانية لدبلوماسيين بريطانيين، وما ذلك إلا بداية لعمليات طرد أخرى، وهي مؤشر على أن العديد من الدول قد زجت بأطقمها للتفاعل مع المشهد الإيراني القادم بما يخدم مصلحتها.
وحتى لاتستقل دول مجلس التعاون الخليجي زورق النجاة المتجه إلى فم الحوت، كما حدث إبان الثورة الإسلامية التي قادها سماحة الإمام الخميني وقفزنا بحسابات خاطئة في أحضان البعث العراقي لثمان سنوات، نجد إن على دول مجلس التعاون الخليجي البحث عن مدخل للتفاعل مع أحداث إيران والاستفادة من ايجابياتها من خلال العمل المنهجي المخطط لتلافي مضاعفاتها السلبية الخطيرة على أمن دول الخليج العربي. فالتطورات الحالية قد تخلق فجوة ضخمة في العلاقات الإيرانية الخليجية إذا فشلنا في خلق أدوات اتصال فعالة، وقد نعيد سيناريو فشلنا في الثمانينيات.
في عام 1946م أرسل الرئيس الأمريكي هاري ترومان قائد شرطة نيوجرسي هربرت شوارزكوف - والد بطلنا في الكويت الجنرال نورمان شوارزكوف Schwarzkopf قائد عملية عاصفة الصحراء - أرسله إلى طهران لتنظيم القوات الأمنية الإيرانية، ثم قاد عملية اجاكس التي أسقطت حكومة محمد مصدق حين أمم النفط 1953م . وفي يوم 6 يونيو 2009م أقر الرئيس الأميركي باراك أوباما بتورط الولايات المتحدة في الانقلاب الذي أطاح بحكومة رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق قائلا: 'في خضم الحرب الباردة، لعبت الولايات المتحدة دوراً في الإطاحة بحكومة إيرانية منتخبة ديموقراطيا'، لكن ذلك كان قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية بأسبوع وقبل الاضطرابات في شوارع طهران بأسبوعين، فهل غيرت زفرات موت 'ندا أغا سلطان' قناعات الرئيس الأميركي أوباما لترقى ردة فعله من درجة الإدانة إلى درجة تبني موقف دوايت أيزنهاورعام 1953م وإطلاق يد رجال لانغلي، ان لم تكن وكالة الاستخبارات الأميركية في قلب الحدث أصلاً؟  لقد بدأ الكل في تأسيس قاعدة له مع إيران المستقبل، وهناك نافذة قد فتحت لبناء علاقات إيرانية خليجية جديدة فأين تقف دول مجلس التعاون في طهران؟

د. ظافر محمد العجمي-المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج

تعليقات

اكتب تعليقك