داهم القحطاني: الكويت بعد أزمة «كورونا» إما أن تنبعث من جديد أو أن تعود كما كانت قبل هذه الأزمة مكبلة بمصالح المتنفذين
زاوية الكتابكتب داهم القحطاني إبريل 19, 2020, 10:34 م 629 مشاهدات 0
الدروس المستفادة من أزمة فيروس كورونا كثيرة، وفي هذه المقالة سنسلط الضوء على أهمها.
لم يعد هناك مجال للشك في أن التعيينات الباراشوتية دمار للبلد، وقد اتضح هذا بشكل واضح، فالقيادات التي أتت لأنها كفؤة وهي نادرة، واجهت تحديات الأزمة بذكاء ومهارة وشجاعة، في حين اختفت قيادات التعيينات الباراشوتية عن المشهد، ولولا اجتهادات بعض الوزراء لأصبحت جهات عدة من دون قرار.
الجمعيات التعاونية أثبتت، رغم التدخلات الكثيرة في عملها واستقلاليتها من قبل الحكومة، بأنها صمام الأمان الحقيقي للشعب الكويتي في ما يتعلق بتوفير الغذاء، فلولا هذا العمل التعاوني الذي يقوده مواطنون منتخبون، لتبخرت رواتب ومدخرات الكويتيين بسبب جشع البعض من التجار.
أزمة «كورونا» أثبتت أن أي مس بالطبقة الوسطى يعني تعريض البلد لحالة من عدم الاستقرار، فهذه الطبقة تعتبر المحرك الرئيسي لحركة المجتمع في الكويت، وتعريضها للتآكل خطر جدا على مسألة الاستقرار المجتمعي، وهذا لا يعني تهميش طبقة الميسورين، بل بالعكس توفير النجاح لهم في بناء اقتصاد قوي أمر ضروري بشريطة أن يكون اقتصادا حقيقيا قائما على مبدأ إتاحة الفرص للجميع، وعدم احتكار النشاط الاقتصادي.
تسببت تجارة الاقامات في تعريض النظام الصحي الكويتي لخطر الانهيار، وهو خطر لا يزال قائما بسبب تكدس العمالة غير القانونية، والعمالة العشوائية أثبتت أن أغلب الحكومات ومجالس الأمة المتعاقبة كانوا مغيبين عن القضايا المفصلية في الكويت، فلا يتصور عاقل أن يتم السماح بوجود مئات الآلاف من المقيمين خارج الإطار القانوني للبلد، ويعيشون بشكل عشوائي، ولا يعرف لهم عنوان.
وأي تحرك في هذا الصدد من قبل وزير الداخلية أنس الصالح لن يكون له قيمة أو أثر ما لم يتم القبض على الرؤوس الكبيرة من الذين أصبح الوطن لهم مجرد وسيلة للكسب غير المشروع.
هناك من يقول إن كل البوادر الإصلاحية من الحكومة الحالية برئاسة الشيخ صباح الخالد هي مجرد تحركات مؤقتة ستنتهي بانتهاء أزمة «كورونا»، وستعود القوى المتنفذة للسيطرة على مفاصل القرار في الكويت، لكنني شخصيا أشك أن يقبل الشيخ صباح الخالد بأي تراجع عما حققته الحكومة من استقلالية في اتخاذ القرارات التي تتطلب بالفعل استقلالية، فأي تراجع يعني تحول الحكومة إلى رهينة لدى أصحاب المصالح الذين لا يشبعون ولا يملون مطلقا من نهب الأموال العامة.
أهم دروس أزمة «كورونا» برأيي أن أفضل وسيلة لاستقرار أي حُكم تكون باتباع الاجراءات الإصلاحية، وإسناد المناصب القيادية لمن يستحق من الكفاءات من دون محاصصة بائسة ومن دون محاولة لكسب الولاءات، والرهان على مجتمع مثقف وواع يقوده المبدعون والكفاءات والمصلحون، ويكون للقدوات دور مهم فيه، ولا يتم فيه الترويج لغير الأكفاء.
دول العالم تتسابق لتحقيق التقدم والإنجازات، والمجتمعات الانسانية لن تهتم بنا ما لم نهتم نحن بأنفسنا أولا، فمن دون نشاط زراعي حقيقي، ومن دون صناعة محلية متوطنة، ومن دون تعليم حديث ومتطور، ومن دون نظام اقتصادي نشط ومفتوح للجميع، ومن دون نظام سياسي إصلاحي يقوم على دستور متطور ونظام انتخابي عادل وقانون للعمل السياسي.. من دون كل ذلك سيكون فيروس كورونا أقل خطرا علينا من فقدان كل تلك المقومات الأساسية لبقاء أي دولة وأي مجتمع.
الكويت بعد أزمة «كورونا» إما أن تنبعث من جديد، أو أن تعود كما كانت قبل هذه الأزمة مكبلة بمصالح المتنفذين.. وكما يقول المثل الشعبي في أوراق اللعب «يا خال يا بو ثنتين».
تعليقات