زايد الزيد : العقلية الحكومية تفتقر للتخطيط بعيد المدى ، وتخطيطها يستهدف جيب المواطن المسكين ولا تفرض ضرائب عادلة على الشركات الكبرى

محليات وبرلمان

زايد الزيد 3175 مشاهدات 0


النهار

قلنا في المقال السابق بأن قانون الدين العام الذي أحالته الحكومة لمجلس الأمة والذي يسمح لها بالاقتراض حتى سقف الـ٢٠ مليار دينار كويتي مرفوض بالنسبة لنا ما لم تقم الحكومة بتوضيح سياساتها في صرف هذه القروض وخطتها ورؤيتها الاقتصادية القادمة بدون مساس برواتب المواطنين التي لا يملكون سواها.

ومع الأسف الشديد فإن الكثير من القراء الكرام لا يعلمون أن مشكلة "الميزانية والرواتب وانخفاض أسعار النفط" هي من المشاكل التي يمكن لها أن نسميها في الكويت "القديم المتجدد" إذ أنها تأتي مع كل أزمة اقتصادية أو هبوط لأسعار النفط في العالم، ثم تذهب وتختفي عند أول ارتفاع لسعر البرميل النفطي، الذي هو مصدر دخلنا الأوحد.

وهذا الأمر عائد إلى العقلية الحكومية التي تفتقر للتخطيط بعيد المدى، وتقوم على مجرد ردة الفعل عند وقوع المصيبة، وإذا خططت فإن أول هدف لها هو جيب المواطن المسكين، الذي يعيش حرفياً على الراتب الحكومي وفقاً لسياسة "البطالة المقنعة" والتي تعني توظيف الدولة لموظفين ليست بحاجة لهم لتوزيع الثروة عليهم بسبب سياسات الريع والإنفاق.

لكن الحكومة لو كانت تملك ذرة تخطيط واحدة فقط، أو تملك احتراماً للمواطن، فإنها ستبدأ بما أوصى به بعض المستشارين الذين استشارتهم مقابل الملايين – ومنهم توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق – والذي ذُهل من حجم ما تملكه الدولة من ثروة كبيرة في الأراضي وقيام مشاريع كبيرة وناجحة عليها وقال أن هذه يمكن أن تمثل مصدر دخل ثانٍ للدولة.

أو تلجأ للحل الذي تلجأ له حكومات الأرض قاطبة من المشرق إلى المغرب، وهو فرض ضريبة عادلة علي الشركات الكبرى التي تستفيد من تسهيلات الدولة دون أن تدفع أي ضريبة أو توظف عدداً كافياً من المواطنين.

أما إذا أرادت الدولة أن تقضي على "البطالة المقنعة" التي تتسبب بحسب زعمها في تضخم بند الرواتب، فيجب عليها وضع خطة اقتصادية وتعليمية متكاملة تستوعب فيها الطاقات الشبابية الكبيرة وتوجهها نحو العمل في قطاعات استثمارية وصناعية تدعمها الحكومة، لكن هل الحكومة جادة في هذا؟ أترك الجواب للقراء الكرام.

ختاماً، دائما ما يعيد التاريخ نفسه في الكويت وبشكل مضحك في كثير من الأحيان، وأزمة الاقتراض هذه أمامها طريقان : الأول الاختفاء إذا ارتفعت أسعار النفط، والثاني اقتراض الدولة وشرائها مزيداً للوقت بانتظار ارتفاع أسعار النفط، أي أننا لا زلنا على "طمام المرحوم".

تعليقات

اكتب تعليقك