زايد الزيد: الاعتراض الحقيقي على قانون الدين العام لا يكمن في استحقاقية هذا الدين أو عدم الاعتراف بوجود مشكلة مالية بل هو متعلق بنقطة جوهرية ومهمة وهي أننا لا نثق في الحكومة صراحة في مسألة الدين
زاوية الكتابكتب زايد الزيد إبريل 9, 2020, 12:03 ص 3087 مشاهدات 0
تمر البلاد اليوم، كما يمر العالم بأسره، بمشكلتين رئيستين هما انهيار الاقتصاد العالمي وهبوط أسعار النفط من جهة، وانتشار فايروس كورونا المستجد من جهة أخرى وتفشيه بصورة غير مسبوقة قتلت الآلاف وأصابت أكثر من مليون شخص بالعدوى.
لكن الصعوبات بالنسبة للكويت تبدو مضاعفة، لأننا كدولة نعتمد على النفط، الذي خُسفت أسعاره خسفاً، كمصدر دخل رئيسي بل أوحد، في ظل عجز الحكومات المتعاقبة عن تطوير مصادر دخل أخرى رغم ما نتمتع به كدولة من إمكانيات مادية وفنية هائلة جداً، مما جعل الدولة اليوم في وضع حرج جداً، فالدخل المتأتي من بيع النفط بأسعاره الحالية لا يكفي لدفع الرواتب فضلاً عن مصاريف الدولة الأخرى.
وراجت الأنباء حول تحويل الحكومة إلى مجلس الأمة مشروع قانون الدين العام الذي يسمح لها بالاقتراض حتى سقف ٢٠ مليار دينار لمدة ١٠ سنوات وذلك لتغطية العجز الهائل الحاصل في الميزانية، وبرر "خبراء الحكومة الماليون" الذين لا يملكون صفة رسمية أن هذا القرض يبدو ضرورياً لأن الخيارات الأخرى للدولة إما بيع الاستثمارات الخارجية وتسييلها وهو أمر يبدو جنونياً في هذا الوقت بسبب انخفاض قيمتها بفعل انهيار الاقتصاد العالمي، أو السحب من صندوق الأجيال القادمة والأكل من "اللحم الحي" كما يقول التجار وخبراء المال وأن الدولة لن تتمكن من دفع رواتب الناس وغير هذا الكلام.
بيد أن الاعتراض الحقيقي على قانون الدين العام لا يكمن في استحقاقية هذا الدين، أو عدم الاعتراف بوجود مشكلة مالية، بل هو متعلق بنقطة جوهرية ومهمة وهي أننا لا نثق في الحكومة صراحة في مسألة الدين، لأن الحكومة التي لم تبصر قدوم هذه المشكلة، التي يعرف طلبة الثانوية فضلاً عن المتخصصين قدومها الحتمي، لا يمكن لهذه الحكومة أن تدير سياساتنا الاقتراضية، ومن الواضح والجلي بحسب حديث المتخصصين فإن الاقتراض في صورته الحالية بدون تعديل سياسات الإنفاق ما هو إلا شراء للوقت فقط حتى وقوع الفأس في الرأس بعد عام أو عامين أو ١٠ أعوام، المهم أنه سيقع.
والمصيبة الكبرى أن التعديلات الوحيدة التي يمكن للحكومة أن تقوم فيها بحسب دعواها المستمرة منذ سنوات، هي في بند الرواتب، وكأن المشكلة الوحيدة هي الرواتب، بينما في حقيقة الأمر هناك تضخم في الإنفاق على مشاريع لا داعي لها، وهناك مبالغ مالية أهدرت بسبب قضايا الفساد، والأهم من ذلك أن هناك مبالغ طائلة تعتبر ديون للدولة لم يتم تحصيلها !
وللحديث بقية ..
تعليقات