وليد الجاسم: شكراً كورونا.. فقد تعلمت الحكومة أخيراً العمل الجماعي والإنجاز وسجلت تفوقاً عالمياً نادراً في إجراءاتها لمواجهة الفيروس صحياً وأمنياً وغذائياً
زاوية الكتابكتب وليد الجاسم إبريل 2, 2020, 11:43 م 1175 مشاهدات 0
شكراً كبيرة نرفعها إلى مقام الست كورونا، نشكرها رغم قبحها المقزز وتلك النتوءات النافرة التي تبرز منها في مختلف الاتجاهات لتعيش حياتها في قذارة الالتهاب الذي تسببه والقيح الذي تنتجه.
لماذا شكراً كورونا إذاً...؟
لماذا وقد فعلت ما فعلت بنا بعدما أوقفت كل مناحي الحياة وعطلت الأعمال وقطعت الأرزاق ونشرت البطالة بين بني البشر؟
كل السلبيات رغم أضرارها ستجد بين ثناياها إيجابيات، وإن أكثرت من التمعن في الإيجابيات فستستعيد هدوءك وتعزز سكينتك وتكثر من حمد الله على نعمه وآلائه التي لا تتوقف... حتى ونحن في مصاب جلل.
شكراً كورونا
فقد أجبرتِ الإنسان المعاصر على التوقف عن حالة اللهاث المتواصلة، أجبرتِه على أن يأخذ استراحة تفيده للتفكر والهدوء وإعادة الحسابات في أجواء من صفاء النفس وسكينتها بعيداً عن مطرقة الحياة اليومية.
شكراً كورونا
فالأسرة أخذت وقتاً إجبارياً إضافياً للجلوس والتسامر والتقارب، وبث روح الألفة والمحبة والمزيد من التعرف على بعضنا البعض، تعارف عميق بعد أن أوشكنا أن نتحول إلى غرباء يظللهم سقف واحد وقت النوم فقط لا غير!
شكراً كورونا
لقد أعدتِ للبشرية مشاعر التكافل الاجتماعي وتبادل المساعدة، ورأينا هذه الروح بين الناس والأهل والأقارب والجيران، سواء في توزيع المسؤوليات أو توفير الاحتياجات، وبادر الكثيرون في خفض إيجاراتهم ومراعاة ظروف من تقطعت بهم السبل وخسروا وظائفهم أو أعمالهم ومداخيلهم، فبادر الكثيرون لتقديم ما تجود به أياديهم إلى صناديق تساعد الدولة وكل المحتاجين.
شكراً كورونا
فقد تصاعدت روح الشعور بالمسؤولية عند الجميع صغاراً وكباراً. ورغم أن حبس الحرية هو العقاب الأقسى الذي عرفته ومارسته البشرية، إلا أن الناس كباراً وصغاراً حبسوا أنفسهم بأنفسهم، ودعموا حملات مادية ومعنوية لدعم جهود الدولة وجهود الجنود المجهولين ممن يواجهون هذا الفيروس وتداعياته في مختلف المجالات.
شكراً كورونا
فقد تعلمنا منك الصبر والاحتساب على المصاب في الصحة أو المصاب في العمل أو المصاب في المال، وهذا أعادنا إلى الأمل والإيمان أكثر وأكثر برحمة الله التي ستنزل على البشرية مهما ادلهمت خطوبك يا كورونا.
شكراً كورونا
فقد تعلمت الحكومة أخيراً العمل الجماعي والإنجاز وسجلت تفوقاً عالمياً نادراً في إجراءاتها لمواجهة الفيروس صحياً وأمنياً وغذائياً، وحتى إعلامياً ونفسياً، كما اضطرت الحكومة إلى خوض عالم الحكومة الإلكترونية بشكل حقيقي للمرة الأولى.
شكراً كورونا
فقد أعطيتنا أجمل فرصة لإعادة تقييم سلوكياتنا الاستهلاكية التي انجرفنا في تيارها القوي من دون أن ندرك، واليوم نراجع أنفسنا ونتعلم كم كنا قادرين على توفير أموالنا وجهودنا ووقتنا في ما ينفع بعيداً عن المظاهر الكاذبة التي عززتها فينا حفنة من الفاشينستات ومشاهير «السوشيال ميديا» ذكراناً وإناثاً، حتى لبسنا ثوباً ليس ثوبنا وسلكنا سلوكاً ليس لنا، وهذا كله اليوم قابل للتغير بفضل هذه الكورونا أم النتوءات.
شكراً كورونا
لأنك نبهتِنا إلى أننا نحب حكومتنا كثيراً إذا عملت واجتهدت وأنجزت، ونحب حكومتنا التي تواجه ظروفاً مالية عصيبة اليوم مع تراجع واردات النفط وانهيار الأسعار أيضاً، ولكنها لم تبخل أو تتورع عن رصد الميزانيات التعزيزية لحمايتنا من الوباء.
شكراً كورونا
لأنك علمتِ نوابنا قيمة الصمت أحياناً وأن الجعجعة بلا طحين لم تعد توهمنا كما كان يحدث في الماضي... وأظنهم الآن جميعاً تعلموا النهج القويم... «فليقل خيراً أو ليصمت».
شكراً كورونا
لأنك أعطيتِ الأجيال الجديدة فرصة للتعرف على المعدن الحقيقي للإنسان الكويتي، هذا المعدن النفيس الذي رأى جيلي بريقه بعدما صقله الغزو، وتأتي هذه الأزمة اليوم ليرى جميع الشباب بأعينهم ماذا يفعل الكويتي في الأزمات، وأولهم كل العاملين في مواجهة كورونا على الصفوف الأمامية من طواقم طبية وتمريضية وتطوعية وأمنية وإدارية...
شكراً كورونا لأنك أعطيتِنا فرصة لنقول شكراً وشكراً وشكراً... لكم جميعا يا أبناء الكويت، ولكل من يحيا على أرضها الطيبة إن قدم لها نفعاً أو منع عنها ضراً... وأعانها على تجاوز هذه الأيام.
تعليقات