‫محمد الوشيحي: أقارن تلك الأوضاع وذلك الحظر المرعب في بلغراد مع الحظر الجزئي المترف في الكويت فأبتسم وأحمد الله كثيراً‬

زاوية الكتاب

كتب محمد الوشيحي 651 مشاهدات 0


تذمُّر بعض المراهقين الكويتيين، بسبب الحظر الجزئي، يوقظ الحيتان من سباتها في قيعان المحيطات، علماً بأنه جزئي، أي أن بإمكانهم الخروج في النصف الأول من اليوم، لكنهم مع ذلك يتذمرون، ويشكون للجدران عظيم مصابهم.

هم لم يعتادوا على "حكرة البيت"، هم اعتادوا على التسكع طوال الوقت، ثم العودة إلى البيت للنوم، كما يفعل بعض السياح الأوروبيين الذين يتنقلون من مدينة إلى مدينة بحقيبة ظهر، ويستأجرون غرفة في فندق بنظام "B&B"، أي "سرير وإفطار". لكن السياح أولئك يفعلون ذلك مرة واحدة في حياتهم، أو مرتين في أحسن الأحوال، أما "عيالنا" فهذا ديدنهم ونهج حيواتهم.

أتابع أوضاعهم وأنا أتذكر ما كتبه الصربي تشارلز سيميك، في سيرته الذاتية "ذبابة في الحساء"، التي عرض فيها أحداث الحرب العالمية الثانية، خصوصاً ما جرى في بلغراد، مدينته التي كان يقطن فيها، طفلاً، مع أمه وشقيقه المولود حديثاً، في ظل غياب أبيه! بالتفصيل تحدَّث عن لحظات قصف قوات التحالف ضد الألمان، والانفجارات، وتهاوي البنايات من حولهم، وصراخ قاطني تلك البنايات، دون أن ينسى تفاصيل أخرى، تعتبر صغيرة إن قارناها بتساقط البنايات، كتهشم الزجاج، وصرخات الأمهات التحذيرية لأطفالهن من الخروج، وغير ذلك من تفاصيل يستعرضها أمام القارئ كشاشة سينمائية تعرض فيلماً من الأفلام الوثائقية.

يصف تشارلز تلك الأحداث، وقرار أمه الذي اتخذته بالبقاء في المدينة رغم القصف، باعتباره أفضل من الخروج والتعرض لعصابات الجيش الألماني، التي تعيش أسوأ لحظاتها، وكيف أن بلغراد أصبحت في المنتصف بين جيشين متحاربين؛ جيش التحالف والجيش الألماني!

أقارن تلك الأوضاع، وذلك الحظر المرعب في بلغراد، مع الحظر الجزئي المترف في الكويت، فأبتسم وأحمد الله كثيراً.

تعليقات

اكتب تعليقك