د.‫عبداللطيف بن نخي: أتساءل ممن يستنكر أسلوب حكومتنا ما هو رأيه في أسلوب الحكومات الغربية؟‬

زاوية الكتاب

كتب د. عبد اللطيف بن نخي 473 مشاهدات 0


قرر مجلس الوزراء في يوم الأربعاء الماضي تشديد الإجراءات الوقائية للتصدي لوباء كورونا. هذه الإجراءات كانت كالتي سبقتها محل استهجان واستنكار من قبل كثيرين. قابلتها دعوات لمساندة الحكومة، وتأجيل محاسبتها إلى ما بعد الأزمة. هذه الدعوات أثارت عصفاً ذهنياً حول مدى مشروعية المراقبة الشعبية لأداء الحكومة والمطالبة بمحاسبتها أبّان أزمة كورونا.
من حيث المبدأ، النقد البناء أمر إيجابي، وقيمته تتضاعف مع تفاقم القضية المتداولة وتنامي أهميتها، وقد تصل قيمته إلى درجة واجب أو أمر إلزامي وفق منظور وطني أو ديني أو إنساني أو خلافها. ولكن هذا الثابت لا يبرر الفجور في انتقاد الحكومة بدرجة تفقد المواطنين ثقتهم بقدرتها على إدارة الأزمة، وتضعف معنويات المصابين بالفيروس، مما قد يؤدّي إلى انهيار منظومة التصدي للفيروس، وفشل محاولات علاج المرضى، فيتساقطون وتتكدّس الجثث لا سمح الله.
بلا شك محاسبة المقصّرين والمخطئين إجراء ضروري لتقويم منظومة العمل ورفع كفاءتها. ولكن في الجهة المقابلة، إدانة أبرياء واستبعاد أعضاء محوريّين من المنظومة في وقت الشدائد، ستكون له تبعات سلبية، وقد تكون كارثية.
تحديد الخطأ والتقصير وتقدير فداحة كل منهما أمر نسبي وخلافي، ويعتمد على توافر المعلومات الصحيحة الكاملة. فعلى سبيل المثال، على ضرورة التحقق من دقّة المعلومات، نجد أن تصريح النائب محمد الدلال بشأن وجود ما يزيد على 5100 مصاب بالفيروس بين القادمين من مصر، أساسه خلل في التعبير. حيث تدارك الدلال هذا الفهم الخاطئ، وصححه عبر وسائل عدّة، كان من بينها اتصال هاتفي مع برنامج «ع السيف» في قناة aTV، وأكد أن 5100 هو عدد الوافدين من مصر وليس عدد المصابين. ولكن هذا التصحيح لم ينشر كما نشر التصريح المغلوط، وما زال البعض يطالب بمحاسبة المسؤولين عن إدخال هذا العدد من المصابين.
أما بالنسبة لاستكمال المعلومات، هناك من انتقد أسلوب الحكومة في الإعلان عن إجراءاتها المشددة الأخيرة، التي تسببت في إرباك وإرعاب المجتمع، بدعوى كونها جاءت مفاجئة. في حين أن النائب الدلال أوضح في ذات الاتصال الهاتفي أن الإجراءات الحكومية كانت متوقعة وجاءت متوافقة مع مطالبات النوّاب أثناء الاجتماع الحكومي البرلماني الأخير في مكتب مجلس الأمة.
أما في ما يخص نسبية وخلافية الخطأ، أقول لمن يستنكر أسلوب الحكومة في الإعلان عن الإجراءات المشددة، أن الهلع الذي أصاب المجتمع الأميركي أضعاف ما أصاب المجتمع الكويتي، وأن أرفف المواد الغذائية أفرغت في معظم الأسواق الأميركية، في حين أنها ما زالت ممتلئة في الكويت، وأن الأسهم الأميركية نزفت بنسبة قياسية بعد كلمة الرئيس الأميركي بشأن الإجراءات الأخيرة. وأما رئيس الوزراء البريطاني، فقد صرح أن الكثير من العوائل البريطانية ستخسر عدداً من أحبّائها بسبب كورونا. لذلك أتساءل ممن يستنكر أسلوب حكومتنا، ما هو رأيه في أسلوب الحكومات الغربية؟
هناك شعوب في دول نامية يحسدوننا على الرعاية التي نتلقاها، وهناك حكومات غربية تفوّقنا عليها في التصدي لهذه الأزمة. فهذه إيطاليا الدولة المتطورة الغنيّة تعاني ما تعانيه من الفيروس، وهذه الولايات المتحدة يقر مسؤولوها أن عدد المصابين بالفيروس لديهم آلاف أضعاف الأرقام المعلنة.
بعد شكر جميع المشاركين في حماية ورعاية المجتمع في أزمة كورونا، أدعو المسؤولين إلى فتح قنوات تواصل مع المواطنين والمقيمين من خلال متطوعين لاستلام ملاحظاتهم ومقترحاتهم المرتبطة بالأزمة، على أن تُدرس من قبل أكاديميين متطوّعين، لإخراجها في صورة توصيات وتقارير تنفيذية مختصرة ترسل إلى المسؤولين... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

تعليقات

اكتب تعليقك