الحركة التقدمية الكويتية: لا اعتراض على تشكيل مجموعات تشاورية... بل الاعتراض على المساس بالمكتسبات الدستورية والاجتماعية الشعبية

محليات وبرلمان

490 مشاهدات 0


بعيدا عن التسرع في الاعتراض على تشكيل مجموعات تشاورية لاقتراح تعديلات دستورية وأخرى على قانون الانتخاب واللائحة الداخلية والتوجهات الاقتصادية والاجتماعية، فإننا في المقابل لا نقلل من الخشية المبررة لدى أوساط شعبية تجاه وجود توجهات لدى بعض الأطراف تستهدف المساس بما تبقى من هامش ديمقراطي محدود، وطرح البعض الآخر لدعوات تحاول الانتقاص من المكتسبات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية الشعبية.

ومن حيث المبدأ فإن موقف الحركة التقدمية الكويتية تجاه هذا الأمر يستند إلى النقاط والاعتبارات التالية:
١- بدءاً فإننا لا نجادل في حق صاحب السمو الأمير بتشكيل مجموعات تشاورية.
٢- نحن نرى أن هناك أزمة عميقة تعاني منها البلاد، وهذه الأزمة تتطلب من بين ما تتطلب إجراء مشاورات موسعة لطيّ صفحتها على أسس ديمقراطية ودستورية تتضمن إطلاق الحريات العامة، والعفو عن قضايا الرأي والتجمعات، وإعادة النظر في نظام الصوت الواحد المجزوء الذي اتضحت سلبياته، وتهيئة الأوضاع للسير على طريق مكافحة الفساد فعلاً لا قولاً وتبني توجهات إصلاحية وتصحيح مسار الدولة في مختلف المجالات... ونتطلع إلى أن تراعى في ذلك التشاور ثلاثة مبادئ: أولها احترام الدستور، وثانيها توفير مناخ ديمقراطي للتشاور العام، وثالثها إشراك مختلف التوجهات السياسية والفكرية وأوسع الفئات الشعبية وذوي الرأي وعدم اقصاء أحد بسبب مواقفه ما دامت تتم في إطار الدستور.
٣- إن المشكلة السياسية الملحة اليوم ليست في الدستور، وإنما تكمن المشكلة في عدم التزام تطبيقه ومحاولات العبث به.
٤- نأمل ألا يكون هناك أي أساس من الصحة لما يتردد حول وجود نوايا وتوجهات جديدة تستهدف تنقيح الدستور، ذلك أنه للأسف فإن تاريخ محاولات تنقيح الدستور السابقة كشف أنها كانت ذات توجه غير ديمقراطي، سواء تلك التي قدمتها الحكومة بين ١٩٨٠ و١٩٨٣ لتقليص المسؤوليات التشريعية والرقابية لمجلس الأمة وتوسيع دور السلطة التنفيذية، أو محاولات التنقيح المقدمة من بعض النواب لتغيير الطابع المدني للدولة وقيام الدولة الدينية.
٥- نرى أنه في الوضع الحالي لا تتوافر الشروط المطلوبة والظروف المناسبة لتنقيح الدستور باتجاه توسيع الحريات، وفي مقدمة هذه الشروط المفقودة، التي يجب توفيرها: المناخ الديمقراطي ووجود مجلس أمة معبّر بحق عن الإرادة الشعبية.
٦- من حيث التفاصيل، فإنه لا حاجة لما يتردد من البعض حول اقتراح استحداث نظام المجلسين في الكويت، بحيث يكون هناك مجلس نواب ومجلس أعيان، ذلك أن القصد الأول من نظام المجلسين هو أن يراجع المجلس الآخر، أي مجلس الأعيان أو مجلس الشورى، القوانين التي أقرها المجلس النيابي المنتخب، وهذا متحقق في النظام الدستوري الكويتي عبر منح الأمير الحق في رد القوانين، التي يقرها مجلس الأمة.
والقصد الثاني هو تعيين الكفاءات، التي قد لا تخوض الانتخابات، والمعلوم أن نظامنا الدستوري يجعل من الوزراء غير المنتخبين أعضاء في مجلس الأمة بحكم وظائفهم، لهم حق التصويت، فيما عدا التصويت على طرح الثقة بأحد الوزراء أو إعلان عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، الذي يحرم منه الوزراء جميعاً بمن فيهم المنتخبون.
٧- ومن حيث التفاصيل أيضاً، فإن ما يتردد عن اقتراح استحداث آلية “الاستفتاء العام” هو اقتراح يُخشى معه أن يؤدي إلى إساءة استغلال هذه الآلية مثلما حدث ويحدث في ظل الأنظمة العربية الاستبدادية الفاسدة التي اعتمدتها للتلاعب في إرادة الأمة، وعلينا هنا أن نتذكر أنّ قرارات الانقلاب الأول على الدستور في العام ١٩٧٦ تضمنت استحداث مثل هذه الآلية، التي لا ينصّ عليها الدستور، وقد جوبهت بالرفض حينذاك وسقطت مع سقوط ذلك الانقلاب على النظام الدستوري، حيث رفض الأعضاء المقترحون لعضوية لجنة النظر في تنقيح الدستور ذكر تلك الآلية في مرسوم تشكيلها، وهو ما تمت الاستجابة له في حينه.
٨- نتفق مع الدعوة لضرورة إلغاء النظام الانتخابي للصوت الواحد المجزوء، الذي طغت سلبياته وأدت إلى إفساد الحياة السياسية وتخريب العملية الانتخابية وإضعاف الممارسة النيابية، ونرى أنه لابد من التوافق على نظام انتخابي ديمقراطي بديل يتجه نحو نظام التمثيل النسبي والقوائم الانتخابية لتعزيز الطابع السياسي الديمقراطي للعملية الانتخابية وتطوير الممارسة النيابية وفتح المجال نحو قيام حياة حزبية سليمة.
٩- بالنسبة للائحة الداخلية لمجلس الأمة فنحن نخشى من بروز دعوات سبق أن طرحها البعض لتقييد آليات الرقابة البرلمانية مثل زيادة عدد النواب في تقديم الاستجوابات وطلبات طرح الثقة وعدم التعاون، ونرى في المقابل أن التعديل الوحيد المستحق على اللائحة الداخلية هو توضيح النص الدستوري بشأن تمثيل حضور الحكومة في جلسات مجلس الأمة بحيث تنعقد الجلسات في حال توافر النصاب من دون شرط حضور الحكومة من عدمها.
١٠- بشأن التوجهات الاقتصادية والاجتماعية فنحن ننبه إلى خطورة توجه بعض الأطراف الاقتصادية نحو تقديم مقترحات وتوصيات نيوليبرالية منحازة لمصالح كبار الرأسماليين على حساب الطبقة العاملة والفئات الشعبية تتصل بخصخصة النفط والتعليم والصحة والجمعيات التعاونية، وإلغاء شرط السهم الذهبي المقرر للحكومة في المرافق التي تتم خصخصتها، وإلغاء شرط الحفاظ على نسبة العمالة الوطنية لتستمر بعد الخصخصة بما لا تقل عما كانت عليه قبلها، وخشيتنا من دعوات البعض لفرض ضرائب غير عادلة اجتماعياً مثل ضريبة القيمة المضافة، والخشية من تغيير هيكل الأجور في القطاع العام بالمساس بالحقوق المكتسبة، وتجاهل مطالب محقة مثل مطلب إلزام القطاع الخاص بتشغيل العمالة الوطنية، ومطلب الضريبة التصاعدية على الدخول الكبيرة لتمويل ميزانية الدولة.
١١- ختاماً، ستحرص الحركة التقدمية الكويتية على عدم الاكتفاء بموقف النقد والاعتراض حيث ستبادر حركتنا إلى تقديم بدائل مثلما سبق أن فعلت في يونيو ٢٠١٨ عندما قدمت وثيقة "المقترحات التنموية" إلى المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، إذ ستقدم حركتنا وثيقة بديلة لمقترحات دستورية وانتخابية ولائحية واقتصادية واجتماعية تتضمن توجهات إصلاحية ديمقراطية وتكون متوافقة مع متطلبات العدالة الاجتماعية.

الكويت
الجمعة ٦ مارس ٢٠٢٠م

تعليقات

اكتب تعليقك