بسام العسعوسي: هل يجب علينا أن نشكر كورونا لأنه فضح قدرتنا على إدارة أي أزمة أو كارثة لا سمح الله!
زاوية الكتابكتب بسام العسعوسي فبراير 27, 2020, 10:23 م 456 مشاهدات 0
من القصص المعبرة قصة «أرميس هنري شيكلتون» مكتشف القارة القطبية الجنوبية عام 1914، وهي من القصص الشهيرة في إدارة الأزمات في التاريخ.
فقد أبحر شيكلتون بسفينته متوجهاً نحو القارة القطبية على أمل أن يتمكن من عبور القـارة سيراً على الأقدام، ولم يتمكن من الوصول إلى البر، إذ اصطدمت سفينته بالثلج وعلقت به، وبقي هو وطاقمه على هذا الحال لعدة شهور، ثم حدثت الأزمة الثانية حين غرقت السفينة تاركة شيكلتون وطاقمه المكون من 27 فرداً على بعد 1200 ميل من اليابسة على جليد طاف على سطح الماء، ولا يوجد معهم سوى قدر ضئيل جداً من الإمدادات، وتمكن من إنقاذ طاقمه واللجوء بهم إلى جزيرة قريبة باستخدام قوارب النجاة، وعلى الجزيرة قام شيكلتون بتقسيم طاقمه، حيث ترك عـدداً من أفراد الطاقم على هذه الجزيرة تاركاً لهم قدراً محدوداً من الإمدادات وتوجه بباقي أفراد الطاقم على أحد قوارب النجاة إلى محطة لصيد الحيتان على بعد 800 ميل في ساوث جورجيا، وتمكن شيكلتون بالفعـل من إنقاذ طاقمـه، ولم يفقد أياً من أفراده.
أورد هذه القصة لأقول ان هناك فنا مختلفا عن باقي الفنون الجميلة هو فن إدارة الأزمات، وهذا النوع من الفن يحتاج إلى قدرات فطرية خاصة، لعل أهمها الثقة بالنفس والقدرة على التحمل وعدم الرضوخ أو الإذعان للابتزاز والتهديد مهما كان حجمه، فالقائد لا يمكن أن يسمى قائداً إذا لم يكن شجاعاً، فما حدث في معالجة ملف المواطنين العائدين من جمهورية إيران بالرغم أنها دولة موبوءة ينذر بخطر شديد بطغيان العوامل السياسية على المعطيات الفنية، فعندما يتدخل السياسي بالعمل الفني تؤول البلاد إلى الخراب، بالضبط يشبه الأمر عندما تتدخل الدجاجة بعمل الديك في المنزل تخيلوا ماذا يمكن أن يحدث؟!
المعضلة أنه وبعد سنوات طويلة من البناء والإنفاق وحضور المؤتمرات وعمل الدراسات والبحوث في المجال الطبي، وعندما يتعلق الأمر بمسألة فنية قد تنذر بكارثة على البلاد يقوم أحدهم ومن أجل تحقيق مصلحة انتخابية ليهدد بالمساءلة السياسية وهنا يقفز السؤال: من الذي يتحمل وزر القبول والخضوع؟ وعلى من يقع اللوم؟ هل على النائب الذي هدد وتوعد أم الوزير الذي خضع وتردد؟
الطامة أن المسألة متعلقة بأمن قومي ومصلحة وطنية، وهي بالأصل القرار فيها فني بحت، ولا مجال للمساومات والمزايدات، فمصلحة الناس وصحتهم فوق الجميع، فهل يجب علينا أن نشكر كورونا، لأنه فضح قدرتنا على إدارة أي أزمة أو كارثة لا سمح الله!
تعليقات