الخبير بالقسم العربي لإذاعة الصين الدولية "أسامة مختار" يشرح كيف تحارب الصين فيروس #كورونا
عربي و دوليالآن فبراير 16, 2020, 7:57 م 461 مشاهدات 0
أدهشتِ الصينُ العالمَ مرةً أخرى كما عودته بإدارتها لمعركة وباء كورونا القاتل، حيث واجهت المشكلة بحلول ناجعة لا بالصُراخ والعويل، فمنذ بداية انتشار الوباء كانت الصينُ شفافًة وصادقة ودقيقة الأمرُ الذي استحق إشادًة من المدير العام لمنظمة الصحة العالمية والمنظمات الدولية.
وما إنْ تعالت أصواتُ الخطر حتى عقدت اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني اجتماعًا طارئًا بقيادة الرئيس الصيني شي جين بينغ دعا عبره إلى إتخاذ إجراءاتٍ حاسمةٍ وسريعة لاحتواء تفشي الوباء، وكوَّن خلال الاجتماع فريقًا قياديًا برئاسة لي كه تشيانغ رئيس مجلس الدولة لمنع ومكافحة تفشي فايروس كورونا المُستَجَد، بعدها اتجه لي كه تشيانغ إلي موقع الحدث مُوجها ومرشدًا وحاثًا العلماءَ على مُسابقة الزمن لاكتشاف لقاح مضاد.
عقبَ ذلك تم عزلُ المدنِ والمقاطعات الأكثر إصابة فاُغلقتِ المطاراتُ وكثيرٌ من الطرق والممرات وتوقفتِ القطارات والسيارات، ووسائل النقل كافة من وإلى هذه المدن، وتفاعل المواطنون الصينيون مع قيادتِهم في ظل هذه الأوضاع والتزمِ سكان البلاد جميعُهم الهدوءَ في منازلهم.
وتتوالى الأحداثُ، وفي أيام معدودات لا تتجاوز العشرةَ أنشأتِ الصينُ مستشفى ( لي شنشان) على مساحة 34 ألف متر مربع بمشاركة 2000عامل على بعد تسعةَ كيلومتراتٍ من أول تجمعٍ سكني بالقرب من ووهان يَسعُ لعدد 1600 سرير، وتم تجهيزها بالمعدات والطواقم الطبية التي توافدتْ من كل مقاطعات الصين تجاه مقاطعة هوبي وعاصمتها مدينة ووهان المنكوبة، مما جسد ملحمًة بطوليًة رائعة كان أبطالها الأطباء والباحثون من بينهم عالٌم في سن الرابعة والثمانين من الأكاديمية الصينية للهندسة يُدعى تشونغ وانشان كان قد شارك في مكافحة سارس عام 2003م جاء يحمل خبرة السنوات المثقلة على عاتقه محفزًا بقية العلماء والشباب ليحذو حذوه.
وفي الوقت الذي كان فيه الصينيون سيحتفلون برأس السنة الصينية القمرية الجديدة عشية الرابع والعشرين من كانون الثاني/ يناير الماضي تخلوا عن فرصة لمِّ الشمل وأسفارهم ورحلاتِهم السياحية الداخلية والخارجية من أجل المشاركة في النضال ضد هذا الوباء اللعين الذي سعى لإفساد بهجة عيدهم الأكبر، إلا أن تضامنَهم وحبَهم لوطنهم أعطى لعيدِ هذا العام معنى آخر يؤكد قدرة هذا الشعب على التغلب على المحن والصعوبات، فتجنب الصينيون الازدحام وتبادلوا تهانيَ وأمنيات العيد عبر الوسائط التقنية المختلفة، والتزموا التعليمات الصحية في المأكلِ والملبس والمشرب والمسكن والعمل، حيث طلبت بعض المؤسسات من موظفيها العمل من منازلهم حتى تتحسن الظروف ويصبح خروجُهم آمنا.
ونتيجة لهذه الإجراءات الحكيمة والصارمة، ولأول مرة في تاريخ البشرية، لم تتعد نسبة الوفيات ال 2% من إجمالي عدد المصابين كأقل نسبة تسجل عند تفشي وباء ما، كما فاقت أعداد حالات الشفاء حالات الوفيات.
ومنذ بداية الأزمة، والصين حكومة وشعبا تحدوهم الثقة التامة في تحقيق النصر المؤزر في هذه الحرب الشرسة ضد هذا الوباء القاتل الذي وصفه الزعيم الصيني شي جين بينغ بالشيطان، وأكد أنه لن يسمح للشيطان بالاختباء، وبالفعل كانت قوة القيادة تساندها عزيمة شعبها، ويا له من شعب هادئ صبور مطيع لقيادته لم يتضجر أو يتبرم، بل كان كل منهم جنديًا في موقعه يذود عن وطنه، مكافحا هذا الشر اللعين.
كما أدى الاعلام الصيني دورًا متعاظمًا في بث الإرشاد وروح الطمأنينة وإدارة هذه المعركة الإعلامية المنتصرة التي فندت ادعاءات وترّهات بعض الوسائل الإعلامية الخارجية ذات الغرض، ومما لا شك فيه أن وسائل الاعلام الصينية، ومن بينها القسم العربي بإذاعة الصين الدولية الذي يتبع لمجموعة الصين للإعلام، أسهمت بصورة كبيرة في تقديم المعلومات للمقيمين، حيث هناك جالية عربية كبيرة في مختلف مدن الصين، ولكن ليس كلُ مقيم في الصين يتحدث ويفهم اللغة الصينية، لذا لا يمكنهم الاعتماد بشكل كُلي على الأخبار التي ينشرها الاعلام باللغة الصينية.
وفي الوقت ذاته، فإن متابعتهم للإعلام الأجنبي تجعلهم يشعرون بالذعر والخوف.
وهنا تَجلى الدورُ الرائد للقسم العربي بمختلف منصاتِه عبر الوسائط المختلفة من تطبيق للإذاعة والتلفزيون على الهاتف المحمول إلى موقع الإذاعة على النت وتويتر وفيس بوك. وقد تابع القسم مجريات الأحداث خاصة من مدينة ووهان باستضافته لعدد من الطلاب الأجانب من هناك وعبر الكثير من برامجه الأخرى.
كم هزت مشاعري أصواتُ التضامن في سط مدينة ووهان وأنا أشاهد مقاطع فيديو وهي تنقل أصوات السكان وهم يهتفون من منازلهم سعيًا منهم لتعزيز الروح المعنوية بعبارة (زيدوا الوقود) وتعني (للأمام حتى النصر) أو (واصلوا تضامنكم)، بعضهم يردد الأغاني الوطنية ويُشجع الآخرين، بعضهم يغني للوطن العزيز حيث استجاب 11 مليون شخص لنصيحة البقاء داخل بيوتهم، وتتعالى أصواتهم مرددةً (ووهان جيايو يو) (ووهان إلى الأمام، ووهان إلى الأمام) وكأنهم يَمْتَثِلونَ لصوت زعيمهم شي جين بينغ حينما قال قولته المشهورة التي يتداولها كثيٌر من المعجبين على وسائل التواصل الاجتماعي وأنا واحد منهم (عندما تُواجه الصعوبات لا تشتكِ لا تلُم الآخرينَ، لا تتخلّ عن إيمانك، ولا تهرب من المسؤوليات ، إنما يتكاتف الجميع للتغلب على تلك الصعوبات) يا لها من ملحمة عظيمة بين الشعب الصيني وقيادته حتما ستؤدي إلى النصر في معركة هي أشد من المعارك في ساحات القتال التي تعرف وتشاهد فيها عدوك أمام عينيك، أما في معركة الوباء هذه فأنت لا تعرف أين يختبئ عدوك ومن أين سيهاجمك!
إن إدارة القيادة الصينية للمعركة الشرسة ضد هذا الوباء كانت مبعثَ إعجاب المجتمع الدولي فاتصل الكثيرُ من زعماء العالم بالقيادات الصينية مشيدين ومؤازرين لهذه الروح التي تؤكد عزمَها على مدارِ ساعاتِ اليوم من أجل محاربة هذا الوباء وانقاذ أهل الصين، ومن ثم العالم أجمع.
فحربُ الصين ليست من أجلِ شعبِها فقط، وإنما هي من أجل شعوب العالم أجمع، بل من أجل محاربة الخوف والهلع قبل ذلك، فالهلعُ أخطرُ وأعظم من الوباء.
لذا علينا أن نستفيد من تجربة الصين هذه، فبعد انجلاء الأزمة في الصين فربما تبدأ في مكان آخرَ في العالم، فمن يدري!؟
تعليقات