‫زايد الزيد: نحن بحاجة إلى إرادة سياسية تُشكل لجنة كبرى بعيدة عن الاعتبارات البيروقراطية الحكومية لتوضح لنا مواطن الزلل ومكامن الخلل في القطاع التعليمي‬

زاوية الكتاب

كتب زايد الزيد 716 مشاهدات 0


‫مما لاشك فيه أن التعليم في الكويت يعاني معاناة كبيرة بسبب ضعف الكوادر التدريسية ، وغياب التنسيق والتخطيط ، وضعف المناهج ، رغم الميزانيات الهائلة التي تصرف عليه ، والتي وصلت إلى أكثر من ملياري دينار كويتي! وهو مبلغ هائل جداً بالنسبة لبلد صغير جداً مثل الكويت في مساحته وتعداد سكانه !‬

‫ويتفق الجميع -.بمن فيهم مسؤولو التعليم أنفسهم - على أن التعليم في الكويت لم يصل لمرحلة متدنية فحسب، بل وصل إلى مرحلة مثيرة للشفقة ، مقارنة مع التطورات الكبيرة التي تحدث حولنا في دول العالم، حتى اضطرت الكثير من العائلات من ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة ، التي تهتم بتعليم أبنائها لضمان مستقبل أفضل لهم ، إلى إدخالهم لمدارس أمريكية وبريطانية وأخرى خاصة تلتهم رسومها الدراسية الجزء الأكبر من رواتبهم كل عام.‬

‫ورغم هذا الإجماع الشعبي على وجود خلل في التعليم ، فإن الإرادة الحكومية لدينا منعدمة لإصلاحه إلا من محاولات ترميمية فاشلة عبر تغيير هذا المنهج أو ذاك، وتدوير الوكلاء والمدراء ، وكأن المشكلة في شخوص وليس في نهج أو فكر، وهذا يعيدنا إلى التاريخ قليلاً حينما انتبه الأمريكيون في مطلع ثمانينات القرن الماضي إلى وجود خلل كبير في التعليم الأمريكي وتراجع كبير في مستوياته مقابل تطور الدول المنافسة صناعياً واقتصادياً مثل اليابان وبريطانيا وألمانيا والدول الاسكندنافية وحتى دول المعسكر الاشتراكي .‬

‫حينها أمر الرئيس الأمريكي آنذاك رونالد ريغان بتشكيل لجنة تتكون من ١٨ عضواً ينتمون للقطاعين الحكومي والخاص ، بالإضافة إلى خبراء تعليميين ، ليضعوا بعد شهور على مكتبه تقريراً تاريخياً بعنوان "أمة في خطر" وباللغة الإنجليزية   " A NATION AT RISK " .‬
‫حيث أكد هذا التقرير وجود خلل تعليمي كبير في الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعد القوة العالمية الأولى حتى اليوم، وتدني درجات الطلاب الأمريكيين في عدد من الاختبارات الأكاديمية وخاصة العلمية منها ، مقارنة مع الدول الصناعية المنافسة، وعدم حصولهم على المراكز الأولى!‬

‫وأوصى التقرير بعدد من التوصيات الشاملة لإصلاح العملية التعليمية برمتها ، وتقويمها وإعادة التعليم إلى موقعه الحقيقي لدى الأمة الأمريكية الذي تمكنت من خلاله من السيطرة على العالم لمدة قرن كامل.‬

‫إننا في الكويت بحاجة إلى إرادة سياسية تُشكل لجنة كبرى بعيدة عن الاعتبارات البيروقراطية الحكومية لتوضح لنا مواطن الزلل ومكامن الخلل في القطاع التعليمي الذي نعاني من فشله الذريع ، وتضع بعدها خارطة طريق توصلنا إلى بر الأمان ، حيث لاتنمية بلا تعليم مميز .‬

تعليقات

اكتب تعليقك