داهم القحطاني: من ينظر للوضع الحالي في الكويت يشعر بالألم بسبب استغراق الحكومة ومجلس الأمة في قضايا هامشية تستنزف أثمن ما تملك الكويت وهو الوقت
زاوية الكتابكتب داهم القحطاني فبراير 2, 2020, 10:51 م 524 مشاهدات 0
هناك خلل في السياسة المحلية في الكويت، ولابد أن يعالج قبل أن نجد أنفسنا أمام معضلة كبيرة تتعلق بمستقبل الكويت في ظل إقليم متقلب المزاج، وقوى عظمى لا يمكن أن تتنبأ بسياساتها المتناقضة.
لا يجوز لأعضاء مجلس الأمة أن يحملوا الحكومة مسؤولية كل فساد وتراجع وخلل، كما أنه لا يجوز للحكومة أن تدعي أن الطرح الشعبوي لمجلس الأمة يخرب كثيرا من الخطط الحكومية التي تستهدف الحوكمة، والإنفاق بشكل ذكي بعيدا عن الهدر. هذا الخطاب مدمر في طبيعته، فهو يخلي مسؤولية كل طرف عن تحمل المسؤولية، كما أنه طرح يسير بالبلد للهاوية.
إصلاح الشأن العام ليس بقضية آنية أو مؤقتة، إنما هو قضية مستمرة، ويجب أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها الوطنية والتاريخية في إجراء إصلاحات شاملة تستهدف تغيير الأوضاع السلبية، وخلق جيل جديد من رجال الدولة، ومن السياسيين الذين يؤمنون بمشروع الدولة، ولا يخضعون لضغوط المصلحية الآنية التي لن تتوقف مطلقا.
من ينظر للوضع الحالي في الكويت يشعر بالألم بسبب استغراق الحكومة ومجلس الأمة في قضايا هامشية تستنزف أثمن ما تملك الكويت وهو الوقت، فالإقليم الملتهب من حولنا لن ينتظرنا كي نصلح بيتنا الداخلي، فهناك دول ومنظمات وتيارات تنتظر الفرص كي تتدخل في شأننا الداخلي، وتستغل انشغال الحكومة والبرلمان في قضايا سطحية تتحقق منها مكاسب صغيرة، لكنها تشغل الجميع عن حقيقة أن الكويت تقع في وجه المدفع.
اليوم الكويت عن بكرة أبيها منشغلة بقضية العفو الشامل عن السياسيين والنشطاء الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية، نتيجة لمرحلة مضت من الصراعات السياسية مرت المنطقة كلها فيها، وعالجتها بعض الدول بقوانين عفو شامل مماثلة.
هناك انقسام واضح في الشارع الكويتي تجاه قضية العفو الشامل، فهناك من يقبل وبشدة ويرى أن ذلك ضرورة قصوى، وهناك من يرفض وبشدة ويرى أن ما حصل كان تطاولا على الدولة ويجب ألا يغتفر، وهناك من يشترط أن يقرن العفو بقضايا تخص شرائح أخرى من المجتمع، وهناك من يستغل هذا الخلاف لإدارة المشهد السياسي لمصلحته سياسيا وانتخابيا.
في ظل هذه الضبابية لابد أن يعلو صوت الدولة، ولابد أن تحضر الحكمة ولا تغيب عن الجميع، وأن تكون هناك مبادرة شاملة تعالج كل هذه الأوضاع بحكمة وسرعة، وألا تستمع الدولة لمن يريد إطالة هذه الأوضاع الضبابية للاستفادة منها في ترتيب انتخابات مجلس الأمة المقبل، فهذا طرح قاصر ويشكل خطرا على البلد في ظل الوضع الإقليمي المتفجر.
تعليقات