خالد الطراح: الحكومة تتعامل مع الشعب الكويتي ليس كشركاء في الاصلاح المالي والاقتصادي وانما كخصوم وهي علة ازلية
زاوية الكتابكتب خالد الطراح يناير 26, 2020, 9:50 م 637 مشاهدات 0
سنة واحدة تقريبا بين تصريح وزير المالية السابق نايف الحجرف عن عجز متوقع لميزانية 2019 ــ 2020 بقيمة 7.75 مليارات دينار، والرؤية المظلمة التي صدرتها وزيرة المالية مريم العقيل عن ارتفاع عجز الميزانية الى 9.2 مليارات دينار في ميزانية 2020 ــ 2021، دون تناول الوزيرة لسياسات الحكومة في كبح حجم الانفلات في الانفاق الحكومي ومبررات غياب إصلاح حقيقي للاختلالات الاقتصادية والمالية في الدولة!
ليس هناك مؤشر واحد للحكومات المتعاقبة لتصحيح المسار الاقتصادي منذ تحرير الكويت حتى اليوم، فضلا عن عدم الاعتراف الرسمي بالعجز عن تحقيق اصلاحات شاملة، والاكتفاء بتصريحات عن عجز الميزانية لتبرير عملية الاقتراض مقابل وقف الاستنزاف للاحتياطي العام.
قاد الوزير السابق الحجرف جلسة يتيمة واحدة عن ترشيد الانفاق الحكومي في الوزارات، حين قال ان: وزارة المالية ليست «تجوري»، وقد كان تصريحا غير موفق علمياً وعملياً. كان تعليقي آنذاك على الوزير، صاحب الحظ الصاعد، ان الحل الافضل «كبروا تجوري الحكومة»، لان الحكومة تقيس حجم الولاء للمواطن لها بحجم الاعتماد على الحكومة، من دون الاقدام على اصلاحات منذ «الفرصة الذهبية»، التي توافرت بعد تحرير الكويت في ضوء تصورات دولية ومحلية لإعادة البناء!
لا أعرف إذا كانت الوزيرة العقيل، وكذلك الامين العام للمجلس الاعلى للتخطيط، على دراية بالمجلد الذي احتوى على رؤية متكاملة لإعادة هيكلة الجهاز الحكومي والسياسات العامة، ام كانا حينها ربما من كبار المستهلكين والمستفيدين من الدولة الريعية. قناعتي تزداد يوميا ترسخاً بان الحكومة تتعامل مع الشعب الكويتي ليس كشركاء في الاصلاح المالي والاقتصادي وانما كخصوم، وهي علة ازلية.
فالوزيرة العقيل صرحت عن «تقنين الرواتب» ومن بعدها تراجعت بالقول «لا مساس بجيب المواطن مطلقاً»، لان السياسات الحكومية منذ 1991 لم تتغير الى اليوم، فالرؤية الحكومية - ان وجدت - في الاصلاح مشتتة وفتات تقوم على اجتهادات فردية وليست مؤسسية!
نحن نعيش اليوم مرحلة متصلة باجتهادات الوزير أنس الصالح وما جرى الترويج له سابقاً عن وثيقة الاصلاح الاقتصادي والمالي، التي «ولدت ميتة» اساساً، وعادت الوثيقة لنا اليوم ربما بحلة جديدة.
من المفارقة بشرى وزيرة المالية بمناسبة مؤتمر «جسور 2019» عن «منافع وثمرات» للخطة الخمسية المقبلة، التي ستحول الحكومة من إلكترونية إلى رقمية، وهي مجرد احلام حكومية تقليدية.
لم تلتفت العقيل لحجم المخالفات المالية والاستنزاف للمال العام بسبب التعيينات البراشوتية وتضخم الجهاز الحكومي وتوغل السلوك الاستهلاكي في المجتمع بمباركة رسمية، ولم تتناول ايضا بشرى إنشاء هيئة للسياحة!
بدلا من ذلك صرحت العقيل بتراجع دور الحكومة التقليدي من «مشغل ومدير» الى «منظم»، من دون بيان الأسس الاقتصادية والمؤشرات المتوقعة كمياً ونوعياً من هذا التوجه، الذي ربما يقوده مستشارون يسايرون الحكومة وليس متطلبات الاصلاح.
وما مدى دستورية تحول الحكومة الى «منظم»؟ وما هو رأي إدارة الفتوى والتشريع في ما قيل في ظل المادة الدستورية 123 التي تنص على أن «يهيمن مجلس الوزراء على مصالح الدولة، ويرسم السياسة العامة للحكومة، ويتابع تنفيذها، ويشرف على سير العمل في الإدارات الحكومية؟ فيما تنص المادة 130 على «يتولى كل وزير الإشراف على شؤون وزارته ويقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها، كما يرسم اتجاهات الوزارة ويشرف على تنفيذها».
اننا أمام واقع كارثي، لأن الأخطاء نفسها غير المرئية في الاصلاح والتخطيط Embedded Errors ستظل قائمة الى ما لا نهاية! «إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة... فإن فساد الرأي أن تترددا».
تعليقات