د.نجم عبدالكريم: أبشع ما يتعرض له الإنسان
زاوية الكتابكتب د. نجم عبدالكريم يناير 20, 2020, 11:04 م 786 مشاهدات 0
ما أسهل تصدي الإنسان لقهر العذاب النفسي في حياته الاعتيادية مقارنةً بكوارث بشاعة التعذيب الجسدي الذي تعرض له على امتداد التاريخ، ولست هنا بصدد ما يتجرعه إنسان الزمن الراهن من عذابات متنوعة، لكنني سأنتقل بقارئي إلى أزمانٍ قديمة ازدهرت فيها الحضارات الإنسانية لأسلط الضوء على ما كان يتجرعه الانسان من العذاب.
***
• أشور ناشربال
في مخطوطة من الزمن الآشوري جاء فيها على لسان هذا الآشور: "لقد فتحت الجبل، وانحطت جيوشي على قلاع عدوي اللعين هولاي، فحطمت الأبواب ومسحت المدينة من 600 محارب عرضتهم على السيف وتدحرجت رؤوسهم عند قدمي، وثلاثة آلاف من أهالي المدينة ألقيت بهم أحياء في المحارق. أخذت هولاي الذي ركع عند قدمي ذليلاً مهاناً:
- الرحمة يا سيدي أشور ناشربال. أنت مليكي ومالكي، أنت ربي سأعبدك إلى آخر لحظة من حياتي، وأقدم كل القرابين التي تسعدك.
- ماذا تظنني فاعلاً بك؟
- الرحمة يا مولاي.
- سترى رحمتي قبل أن تذهب إلى عالم النسيان. اسلخوه حياً، ثم علقوا جلده على سور قصري، وألقوا بما تبقى منه للنمل".
• ما أبشع هذا اللون من العذاب، وهكذا كان الملك الآشوري حيث يزعم بعض المؤرخين أن الحضارة الآشورية لم تكن تعذب الإنسان.
***
• حضارة اليونان
كتب أرسطوفان في روايته "الضفادع" على لسان أحد أبطاله مصوراً بشاعة العذاب الذي كان سائداً في الحضارة اليونانية:
"أما وقد ظفرت يا صديقي بعدوك، فاربطه بالحبال، وشد وثاقه بالحديد، ثم اجلد ظهره بسوطٍ في نهايته قطع من الحديد المسنن. فإذا فقد الوعي فأنعشه بالنبيذ. سيفيق ويظن أنه نجا من بين يديك، فعليك أن تربط أطرافه بالحبال إلى أربعة جياد شرسة، واسقه من الخل من فتحات عينيه وفتحات أنفه وفمه، ثم بخنجرٍ ماضٍ انتزع من بين فخذيه رمز رجولته، ثم أطلق الجياد لتذهب إلى كل ناحية بما بقي منه".
• هكذا كانت الحضارة اليونانية المزعومة، ولعلها ليست أقل قسوةً من حضارة الفراعنة.
***
• الحضارة الفرعونية
كان تحتمس الثالث قاسياً جداً، وكتب المؤرخون عنه في حملته على النوبة أنه أخذ ألف أسير، وأمر بقطع أطرافهم، ثم تركهم كتلاً من الأجساد المشوهة العاجزة لتموت موتاً بطيئاً في الصحراء.
***
• حضارات الآلهة
أما الحضارات التي كانت تؤمن بآلهة لا يُطفئ غضبها إلا أن ترتوي بالدم البشري، وهي آلهة لا تشبع إلا بلحوم عابديها، ففي أيام أسرة شانج، وهي أقدم أسرة كشفت الحفريات عنها في الصين، كانت تعبد المطر والنهر الأصفر والبراكين والريح، وكان الرعب يدب في قلب كل صيني من عبادة هذه المكونات، لأنها لم تكن ترتوي إلا بدماء الأطفال، فكانوا يجمعون لها مئات الأطفال وهم يرضعون من أثداء أمهاتهم لينحروهم لآلهتهم.
***
• موضوع طويل وبشع ومقزز، ولو أردت الاستمرار فيه لكتبت عشرات المقالات ولاطلعتم على بشاعاتٍ تصدم عقولكم، فالحمد لله نحن نعيش في عصرٍ ليس فيه من تلك الحضارات التي تعذب الإنسان، لكننا نعيش في عذابات أكثر لا يتسع المجال لذكر مفرداتها.
تعليقات