‫مشاري المطرقة: السلطان قابوس كان مثالاً فريداً في الزعامة والقيادة والعمل‬

زاوية الكتاب

كتب مشاري المطرقة 873 مشاهدات 0


رحل السلطان قابوس بن سعيد تاركاً وراءه مسيرة عطرة امتدت أكثر من نصف قرن من الزمن، عمل خلالها بتفان وإخلاص، وانتشل بلاده من مرحلة اضطرابات وحرب أهلية، وحولها إلى دولة هادئة مستقرة في إقليم تنتشر فيه التوترات والصراعات، وتأكل فيه الحروب الأخضر واليابس، وقاد سلطنة عمان لنهضة اقتصادية واجتماعية وثقافية، وخدم قضايا الأمتين العربية والإسلامية في كل المحافل، ونجح في أن يكون على مسافة واحدة من الجميع، وحليفاً لأكبر الدول، فاحتفظ لنفسه ووطنه بمكانة خاصة، وأصبح صديقاً للكل، واستطاع أن يؤدي دور الوسيط النزيه في كثير من القضايا الشائكة في المنطقة، ونزع فتيل العديد من الأزمات، فكان مثالاً فريداً في الزعامة والقيادة والعمل. 

ولعل الحزن الكبير الذي شعر به الجميع في العالم كله، وليس في سلطنة عمان فحسب، على فقدان هذا القائد الحكيم تبدل إلى فرح وابتهاج بعد الانتقال الهادئ والسلس للسلطة في السلطنة، خصوصاً أن السلطان الجديد هيثم بن طارق تولى الحكم بتزكية وتوصية من السلطان الراحل قابوس، الذي قال عنه في وصيته "إن فيه من الصفات والقدرات التي تؤهله لحمل هذه الأمانة" كما أن حديث السلطان الجديد بعث الراحة والطمأنينة في النفوس، حيث تعهد بالسير على نهج قابوس القويم، والحفاظ على ما أنجزه والبناء عليه، واستمرار سياسة عمان القائمة على التعايش السلمي بين الأمم والشعوب وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، والمساهمة في حل الخلافات بالطرق السلمية.

لقد أحزن رحيل السلطان قابوس كل من عرفه وتعامل معه أو سمع عنه، وعن شخصيته وإنجازاته ومواقفه النبيلة ورفضه للعدوان والظلم على الأفراد والدول، وكما كان في حياته هادئاً يعمل بعيداً عن الأضواء رحل في هدوء، وكانت جنازته بسيطة كما أوصى، وشيعه أبناؤه من الشعب العماني بكل الحب والألم، وظهر جلياً أن هناك إجماعاً وتسابقاً على نعي الفقيد الراحل من الداخل والخارج، والحديث عن خصاله الطيبة، ووصفه بكل عبارات الاحترام والتقدير، ليكون بذلك مثالاً لصاحب السيرة العطرة الذي كسب حب الجميع، وكما قال صاحب السمو، حفظه الله ورعاه، خلال تقديمه واجبه العزاء للسلطنة إن "قابوس ما مات وأنتوا موجودين".

رحم الله السلطان قابوس، وأسكنه فسيح جناته، وأعان الله السلطان الجديد هيثم بن طارق على تحمل الأمانة والمسؤولية، وأن يكمل مسيرة نهضة سلطنة عمان الشقيقة، ويكون خير خلف لخير سلف.

تعليقات

اكتب تعليقك