زايد الزيد : عبدالله النفيسي الظاهرة ... سرق الأضواء بصندوقه الأسود

عصفت الكثير من الأحداث السياسية بالكويت خلال الشهور الأربعة الأخيرة ، ابتداء من الاستجوابات التي قدمت لوزراء في الحكومة السابقة ، وما تبعه من استقالة الحكومة واعتذار الشيخ جابر المبارك عن إكمال مشوار رئاسة الحكومة ، وتولي الشيخ صباح الخالد رئاسة مجلس الوزراء ، والسجال النيابي الحكومي على العديد من القضايا والمشاكل العالقة ، وغيرها من أحداث خارجية مثل اتفاقية المنطقة المقسومة مع الشقيقة الكبرى السعودية، واشتعال احتجاجات شعبية كبيرة في العراق ولبنان ، وجاء الحدث الأكبر الذي تمثل باغتيال قاسم سليماني الرجل الأقوى في ذراع إيران الخارجية .


لكن المعادلة الثابتة الوحيدة في خضم هذه العواصف ، هو لقاء الدكتور عبد الله النفيسي الطويل مع الاعلامي المبدع عمار تقي في برنامج "الصندوق الأسود"  والذي يبث في موقع القبس الإلكتروني ، والذي أصبح حديث الشارع الكويتي لمدة تزيد على الأربعة شهور، حتى أضحى يوما الخميس والجمعة يومان مميزان بالنسبة للمواطن الكويتي ، بسبب بث هذه الحلقات في موقع "اليوتيوب" خلالهما ، وأصبح هناك نقاش مجتمعي كبير حول تفاصيل ذكريات النفيسي حلقة بحلقة وانقسم الناس بين مؤيد ومعارض ومحايد، ومحلل ومعقب على معلومات النفيسي التي ذكرها.


اللافت هنا في الأمر ، أن النقاش لم يكن حصراً على طبقة السياسيين في الكويت أو المهتمين بالسياسة فحسب ، بل امتد إلى كافة فئات الشعب الكويتي، حتى أضحت حلقات النفيسي مشاهدة من أشخاص ليس لهم معرفة في أبجديات السياسة، لكن أسلوب النفيسي الخطابي ، و"الكاريزما" الشخصية المذهلة التي يمتلكها جذبت مئات الآلاف لمشاهدة هذه الحلقات.


ولم تكن متابعة النفيسي محصورة في الكويت أو في دول الخليج العربي فقط ، بل امتدت إلى مصر وتونس وموريتانيا بل وحتى الصحراء الغربية ! وأشعل النفيسي النقاش داخل الحركات الإسلامية واليسارية على حد سواء بسبب نقده الشديد لهم.


وبرغم الاختلاف مع الدكتور النفيسي في بعض المواضع، والاستدراك عليه في بعض الأخبار، فإن برنامج الصندوق الأسود أثبت أن النفيسي هو المفكر الخليجي الأكثر شعبية على الإطلاق ، وأنه أحد الخليجيين القلائل الذين تجاوزت شعبيتهم "الفكرية" دول الخليج ، لتصل إلى أقاصي العالم العربي وذلك بفضل مسيرته الثقافية والأكاديمية والسياسية الثرية، وشجاعته الفكرية في إبداء آرائه بدون خوف.


إن سلسلة "الصندوق الأسود" تعتبر حدثاً مهماً في الإعلام الكويتي ، وعلامة فارقة في تطور الإعلام الإلكتروني ، حيث أثبت هذا الإعلام علو كعبه وبراعته في مواجهة القنوات التلفزيونية التقليدية ، وأكد الزميل عمار تقي براعته في جانبين، هما صناعة المحتوى كرجل إعلام، وتقديم البرنامج كمحاور محترف ، ونأمل أن تستمر السلسلة في اختيار ضيوفها بدقة وإتقان.