التايمز: هذا ما تقوم به مليشيات غامضة موالية لإيران بالعراق

عربي و دولي

الآن - وكالات 955 مشاهدات 0


نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا لمراسلها في الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر، يقول فيه إنه عندما بدأ رجال ملثمون في شاحنات بيك آب يتدفقون إلى معسكر الاحتجاج في بغداد، بعد حلول الظلام، وقاموا بفتح رشاشات الكلاشنكوف بشكل عشوائي، فإنه قتل ما لا يقل عن عشرين شخصا.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن المليشيا، التي يعتقد أنها مؤلفة من مجموعات موالية لإيران مأمورة بدعم الحكومة العراقية، قامت باحتجاز أعداد كبيرة من الرهائن لساعات في موقف سيارات من عدة طوابق.

 

ويكشف سبنسر عن أنه تم ضرب الشباب وطعنهم وجرحهم بالسكاكين، وفي بعض الحالات قتلوا بدم بارد، فيما قال الناجون لصحيفة "التايمز" إن هذه العقوبة العنيفة بسبب استمرارهم في معارضة الحكومة.

 

وتلفت الصحيفة إلى أن الحصيلة الرسمية للهجوم على جسر السنك في قلب الاحتجاجات في بغداد ليل الجمعة الماضية وصباح السبت كانت 11 شخصا، مشيرة إلى أن المسؤولين يعترفون في أحاديثهم الخاصة بأن العدد الحقيقي ضعف ذلك على الأقل، أي حوالي 22، وهو الرقم المسجل لدى الأمم المتحدة.

 

ويستدرك التقرير بأن المسعفين الذين قاموا بمساعدة الجرحى في الموقع قالوا إنهم يعتقدون أن العدد أكبر بكثير، وربما يصل إلى 80 أو 85، فيما كانت التقديرات الأولية لموظفي المستشفيات تتحدث عن أكثر من 70 شخصا، إلا أن الأمم المتحدة قالت إنها منعت من الاطلاع على سجلات المستشفيات.

 

ويفيد الكاتب بأن شهرين من المظاهرات ضد الحكومة قادا إلى توقف الحياة في مدن العراق الجنوبية، وكشفا عن التعايش داخل الائتلاف الحاكم، من أحزاب سياسية وقوات أمنية ومليشيات مرخصة وفروعها التي تعمل فرق إعدام.

 

وتذكر الصحيفة أنه كانت هناك تقارير منذ بداية المظاهرات في تشرين الأول/ أكتوبر، تفيد بأن رجال مليشيات ملثمين قاموا بإطلاق النار على المتظاهرين، كما قام الجيش والشرطة بفتح النار ضد المتظاهرين أيضا، وقتلوا عددا منهم في عدد متفرق من المرات في أنحاء البلد، مشيرة إلى أنه قتل في المجموع ما لا يقل عن 450 شخصا، في الوقت الذي يقول فيه المتظاهرون إن العدد أكبر من ذلك بكثير.

 

وينوه التقرير إلى أن العديد من الناشطين تم اختطافهم، أحيانا لمدة أسابيع، فيما ما يزال هناك الكثير مغيبين، لافتا إلى أن عددا منهم قتلوا، وفي إحدى الحالات من مسلح على دراجة نارية خارج بيته في كربلاء.

 

ويقول سبنسر إن كثيرا من المتظاهرين والسياسيين يترددون في تحديد هوية المليشيات المتورطة، ويكتفون بالقول: "طرف ثالث"، إلا أن معظمهم يفترضون أن مليشيا عصائب أهل الحق وغيرها من المجموعات الشيعية المدعومة من إيران متورطة في ذلك.

 

وتفيد الصحيفة بأن المتظاهرين يعارضون الحكومة بسبب فشلها في توفير الخدمات الأساسية وفسادها الموثق، لكن الحكومة أيضا تميل إلى إيران في أكبر تنافس على النفوذ في الشرق الأوسط بين طهران وواشنطن والرياض، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي تستمر فيه المظاهرات فإن إيران أرسلت أوامر شبه صريحة لرئيس الوزراء بأن يقف بحزم.

 

ويستدرك التقرير بأن العنف الموجه على جسر السنك يبدو أنه أخذ الأمور إلى مستوى جديد، وعندما دخل عدد من شاحنات البيك آب البيضاء والباصات إلى ساحة التحرير، كان رجال مليشيا آخرين قد تسللوا إلى معسكر الاحتجاج وموقف السيارات، وبدؤوا يقاتلون المحتجين الحقيقيين.

 

وينقل الكاتب عن محمد علي محمد (35 عاما)، قوله إنه كان واحدا من عدد من الشباب الذين ربطت أيديهم خلفهم بشرائط بلاستيكية، وتم عصب عيونهم، وتركوا ووجوههم إلى الجدار لساعات، حتى تم إطلاق سراحه بعد الخامسة صباحا، لكن خلال ذلك الوقت استطاع أن يلمح ماذا كان يحصل حوله من خلال ثغرة في العصبة، وأضاف محمد: "أحد أصدقائنا كان يتكلم مع المليشيا ويشتمهم فقاموا بذبحه"، مشيرا إلى أنه قبل ذلك سمع صراخا خلفه انتهى بصوت إطلاق نار قريب.

 

وبحسب الصحيفة، فإن شابا آخر، اسمه مصطفى محمد جاسم، يبلغ من العمر 22 عاما، كشف عن جرح بسكين في كتفه، وهو واحد من خمس طعنات تلقاها خلال الهجوم، لافتة إلى قول آخر إنه تلقى 11 طعنه، لكن ألمه كان كبيرا ليكشف عن جروحه.

 

ويشير التقرير إلى أن آخرين وصفوا كيف تم احتجازهم لساعات، وكيف ضربوا بالأنابيب، فيما آخر كان يحمل صورة أشعة لكتفه المكسور، لافتا إلى أن شاهدا آخر قال إن اسمه رضا سيف جاسم (21 عاما)، قال إنه كان على الجسر في تلك الليلة بالقرب من الموقف، عندما رأى رجلين يبدو أنهما ميتان يلقيان من الطابق العلوي في الموقف إلى الأرض، ثم هرب عن طريق شارع خلفي.

 

ويذكر سبنسر أن مسعفا متطوعا أكد بأنه رأى جثثا على الأرض خارج موقف السيارات عندما وصل بعد انتهاء الهجوم، مشيرا إلى قول محمد الموسوي (33 عاما)، إنه يعمل في الجيش برتبة رائد في السلك الطبي، وبأنه يغيب عن دوامه دون إذن لإدارة واحدة من عيادتين في منطقة المتظاهرين، وأضاف أنه يعتقد أن 80 إلى 85 قتلوا في الهجوم.

 

وتعلق الصحيفة قائلة، إن هذه الأرقام لا يمكن التحقق منها، إلا أنه قال إن ثمانية جثامين جلبت لعيادته، ثم في الساعة الخامسة صباحا بعد أن غادرت المليشيات المنطقة مشى إلى موقف سيارات السنك، وقال إنه عد في الطريق 38 جثة أخرى، ما بين ملقاة خارج الموقف ومتروكة داخله، وأضاف أن الضحايا أصيبوا بالرصاص أو طعنوا.

 

ويلفت التقرير إلى أن أحد زملاء موسوي عرض فيديو، قال إنه وجده في هاتف أحد عناصر المليشيا، الذي أمسك المتظاهرون به لفترة قصيرة، مشيرا إلى أن الفيديو يظهر مشهدا يطعن فيه شاب عدة مرات في جانبي رقبته وهو يصرخ بشدة.

 

ويبين الكاتب أن هناك فيديو آخر أظهر رجالا مقيدين بأشرطة بلاستيكية، شبيهة بما وصفه محمد علي محمد وثلاثة رجال آخرين، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي تم فيه تقديم محمد للمقابلة من ناشطين، فإنه تم الحديث مع الرجال الآخرين الذين كانوا مضمدين في الشارع بشكل عشوائي، وكانت رواياتهم شبيهة.

 

وتورد الصحيفة نقلا عن ريم الزويدي، وهي طبيبة في عيادة متنقلة أخرى، قولها إن 14 جثمانا مصابا برصاص جلبت لعيادتها، وكان أحدها قد ضرب خلف الرأس من مسافة قريبة، وتعتقد أن أكثر من 80 شخصا قتلوا.

 

وينوه التقرير إلى أن الأمم المتحدة أشارت إلى أن المليشيات عملت دون تدخل من نقاط الجيش والشرطة القريبة، فيما قال الشهود إن شاحنات البيك آب والباصات جاءت من ساحة الخلاني وجسر السنك والأفراد عليها يطلقون النار، ومروا خلال ثلاثة حواجز رسمية دون أن يوقفوا.

 

ويقول سبنسر، إن الحكومة العراقية حاولت أن تصور الأمر على أنه "اشتباك بين مليشيات متنافسة"، مشيرة إلى وجود أعضاء التيار الصدري في الميدان، و"هذا يبدو أنه يلمح إلى الانزلاق إلى حرب أهلية".

 

وتشير الصحيفة إلى أن التيار الصدري يؤيد رجل الدين القومي مقتدى الصدر، الذي فاز بأكبر عدد من مقاعد البرلمان في انتخابات العام الماضي، لكنه الآن سحب دعمه لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي.

 

ويستدرك التقرير بأنه في الوقت الذي يعتقد فيه أن عددا من الصدريين قد يكونون من بين القتلى، إلا أنه ليس هناك ما يشير إلى أن أيا منهم كان مسلحا، مشيرا إلى قول رئيس المكتب السياسي للحزب الصدري، أحرار، ضياء الأسدي، إنه يعتقد أن عدد القتلى أكبر من الأرقام الصادرة عن الحكومة.

 

وأضاف الأسدي للصحيفة أنه من الواضح أن "الطرف الثالث" يفعل كل ما يستطيع للتشبث بالسلطة، والحفاظ على الامتيازات، مشيرا إلى أن الأطراف المؤيدة لإيران تظن أنها تحمي العراق من هجمات على سيادتها من أمريكا والسعودية، وكلاهما يعارض نفوذ طهران في العراق.

 

وقال الأسدي: "لكل من الجانبين -القتلة والمقتولين- رؤيته.. القتلة يفكرون أن المتظاهرين يمولون من دول أجنبية ويحملون أجندات أجنبية، والمقتولون يعتقدون أن الجانب الآخر مدعوم من إيران، وكل واحد منهم يظن أنه وطني أكثر من الآخر".

 

ويقول الكاتب إنه تم سحل شاب بعد أن فتح النار من بناية قريبا، فيما قامت مجموعة كبيرة بتصويره معلقا على عمود إشارة ضوئية في ملابسه الداخلية، لافتا إلى أنه يقال إن الشاب، الذي لم يتجاوز عمره 16 عاما، هو عنصر من عناصر المليشيا التي هاجمت المتظاهرين بالبنادق والسكاكين.

 

وتلفت الصحيفة إلى أن هناك فيديو آخر يظهر الشاب يطلق النار على التجمع، فتم جره إلى الساحة وضربه حتى الموت، لكن السلطات قالت لاحقا إنه كان فارا من الشرطة التي كانت تريد اعتقاله بتهمة التعامل بالمخدرات، فأطلق النار وقتل 4 متظاهرين وتاجرين.

 

وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن هذا الحادث تم استغلاله من إحدى المجموعات الموالية لإيران المتهمة بمهاجمة المتظاهرين، فقالت إن المتظاهرين خارجون عن السيطرة، فيما شجبت قيادات الاحتجاجات الحادثة، وقالوا: "لا نسمح بأن يتم تشويه الصورة الناصعة للثورة".



تعليقات

اكتب تعليقك