زايد الزيد: القضاء الكويتي هو الملاذ الأخير لكل متظلم من قرارات الحكومة ووزرائها ومسؤوليها التي غالباً ما تكون عشوائية
زاوية الكتابكتب زايد الزيد ديسمبر 9, 2019, 11:29 م 575 مشاهدات 0
حكمت محكمة التمييز قبل أيام في حكم نهائي وبات ببطلان قرار تعيين جميع الخبراء في الإدارة العامة للخبراء التابعة لوزارة العدل والذين بلغ عددهم 560 خبيراً وذلك بعد طعن تقدمت به احدى المتقدمات اللاتي لم يقبلن في هذه الوظيفة.
ويأتي الحكم الذي وصفه بعض الخبراء القانونيين بـ «التاريخي» ليرسخ مبدأ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص في الحصول على الوظائف العامة، في مشهد يندر أن يُشاهد في دول المنطقة، كما أنه يؤكد على أن القضاء الكويتي هو الملاذ الأخير لكل متظلم من قرارات الحكومة ووزرائها ومسؤوليها التي غالباً ما تكون عشوائية.
ورغم تاريخية الحكم، فإنه أدى إلى إدخال البلاد في مشكلة إدارية وقانونية وبيروقراطية كبيرة جداً، إذ بات 560 خبيرًا لدى الدولة، يشرفون على قضاياها ومصالحها في حكم العاطلين عن العمل، وباتت أحكامهم التي أصدروها خلال السنوات الثلاث الأخيرة معرضة لخطر الإبطال والنقض بسبب عدم شرعية تعيينهم وتوظيفهم ووجودهم كخبراء أصلاً.
واتجه القانونيون بعد هذا الحكم التاريخي إلى مناقشة آليات تطبيقه، وشموله لجميع الخبراء من عدمه، أو الاكتفاء بمفاوضات بين وزارة العدل وبين محامي المدعية وتوظيفها مقابل قبولها بوقف نفاذ الحكم، وإمكانية حدوث مثل هذه المفاوضات أصلاً ومدى قانونيتها، وباتت البلاد تعيش حالة قلق عامة نتيجة هذه المسألة الشائكة.
لكن الأمر لا ينبغي أن يقتصر على النقاش القانوني حول آلية تفادي هذا الحكم، وآثار بطلان تعيين الخبراء على العمل الحكومي، بل يجب أن يذهب إلى أساس المشكلة وجذورها ونعني به وزراء العدل الذين كانوا في الفترة التي جرى فيها تعيين الخبراء، حيث إن حكم المحكمة قد أدانهم بصريح العبارة وذلك بقوله إن جزءاً من المعينين قد جرى تعيينه دون تجاوز الاختبارات الشفوية أو التحريرية في وقت ظلم به متقدمون آخرون من ذوي الكفاءات.
حذرنا عبر عشرات المقالات التي كتبناها هنا من أن تفشي سياسة الواسطة والتعيينات «الباراشوتية» سيؤدي إلى خراب البلاد والعباد، وإلى تعطيل مصالح الناس وتدمير المؤسسات من الداخل، وذلك لأن أي شيء إذا أُسند إلى غير أهله ضاع وانتهى ودُمّر.
الحلول المطروحة اليوم يجب أن تكون في اتجاهين، الأول هو احتواء المشكلة وضمان عدم تعطل مصالح الدولة والمواطنين والبحث عن مخرج قانوني لها، والثاني التأكد من محاسبة كل من ورّط الدولة بهذه التعيينات وأدى بنا للوصول إلى حالة القلق العامة تلك.
تعليقات