مبارك الجري: الإسلام والسياسة في الكويت "1"
زاوية الكتابكتب مبارك الجري ديسمبر 2, 2019, 10:39 م 858 مشاهدات 0
قبل عامين تقريباً، أصدر مركز دراسات الوحدة العربية كتابا مترجما من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية (الإسلام والسياسة في الكويت) للأكاديمية اللبنانية كارين لحود أستاذة العلوم السياسية بجامعة القديس يوسف ببيروت، وهي في الأصل أطروحة دكتوراه أشرف عليها الأكاديمي الفرنسي جيل كيبل أستاذ العلوم السياسية في معهد الدراسات السياسية بباريس سابقاً Sciences Po.
وأثار استغرابي أن هذا الكتاب ما زال ممنوعاً بالكويت، على الرغم من تمويل مؤسسة الكويت للتقدم العلمي KFAS لمشروعها البحثي، كما ذكرت الباحثة في كلمة الشكر. وليس من هدف هذا المقال مراجعة الكتاب كاملاً، بل تسليط الضوء على بعض المسائل التي أجدها جديرة بالمناقشة والكتابة عنها، أما بقية المواضيع فأتركها للقارئ المهتم.
خصوصية الإسلام السياسي في الكويت:
إن نشأة الحركات السياسية الإسلامية (السنية) في دولة الكويت لا يمكن عزلها عن تأثير الخارج، لا سيما مصر والمملكة العربية السعودية، وترى الباحثة، أنه بالرغم من أن تأسيس هذه الظاهرة هو نتاج لأفكار مستوردة (الإخوان المسلمين، والسلفية التقليدية)، إلا انها شهدت «تدريجياً عملية إضفاء طابع وطني عليها، وانضمت إلى النسيج الوطني المحلي حتى اندمجت فيه كلياً».
لقد لعبت التحولات الاقتصادية لا سيما بعد اكتشاف النفط بالكويت دوراً محورياً في تغيير الحقل السياسي وتقاليده.
فلم تعد جميع النخب التجارية مؤثرة سياسياً كما هي الحال ما قبل النفط، بل ان استقلال النخب التجارية كقوة سياسية واقتصادية تراجع أمام مفهوم الدولة الريعية، وهذا بدوره أعاد تشكيل المسألة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
كما أن إصدار دستور ١٩٦٢ أدى إلى تعميم المشاركة السياسية التي كانت قائمة على تأثير محورين، هما الأسرة الحاكمة والنخب التجارية، ولكن بعد ذلك تشكلت عدة نخب وجماعات سياسية تمثلها الطبقة المتوسطة من الحضر والقبائل والشيعة التي زاد وعيها وتطورت تطلعاتها إزاء المشاركة السياسية.
تقول الباحثة: لقد استفادت هذه النخب والجماعات السياسية وخاصة الإسلامية من الوصول إلى موارد الدولة، وقد شجع أيضاً الوصول إلى التعليم ظهور وعي سياسي للطبقة الوسطى وزعماء جدد لا سيما في الحركات السياسية الإسلامية.
وترى الباحثة: أن التغييرات السياسية والاجتماعية السابقة أعطت تجربة الإسلام السياسي في الكويت خصوصية تكمن في «هياكل التعبئة التي يعتمد عليها (كالمؤسسات أو الجمعيات الخيرية)، والعلانية لا تشكل خطراً على وجود هذه الحركات الدينية، بل على العكس انها تسهل لها الوصول المباشر إلى موارد الدولة». إذاً يمكن القول إن ولادة الحركات السياسية الإسلامية بالكويت، لا سيما السنية (الإخوان المسلمين، السلفية كحركة سياسية) كانت مستقرة بخلاف بعض الدول العربية الأخرى التي بدأت كتنظيمات سرية وبتجارب عسيرة.
وبعبارة أخرى: لم تكن انطلاقة الإسلام السياسي احتجاجية بالكويت، بل بالعكس، فقد توافرت لها الظروف السياسية سواء كانت محلية أو إقليمية، فضلاً عن الاقتصادية الداعمة لدورها في الحقل السياسي.
تعليقات