علي البغلي: «السجن للرِّجَّالَة»!
زاوية الكتابكتب علي البغلي نوفمبر 27, 2019, 11:08 م 862 مشاهدات 0
عبارة سمعناها كثيراً في الأفلام المصرية؛ يبرر بها مرتكب الجريمة أو الفعل الخاطئ أو الحكم عليه بالسجن، ولا ندري ما دخل الرجولة بالسجن ووفق أي معايير ظهرت هذه المقولة؟
نرجع إلى الشأن المحلي، وإلى سجن الصليبية على وجه التحديد، فذلك السجن تقرر بناؤه في التسعينات من القرن الماضي ليستوعب 3 آلاف نزيل كما أعلمنا بذلك الأخ الفاضل الشيخ أحمد الحمود وزير الداخلية الأسبق في جلسة لمجلس الوزراء في ذلك الوقت.
وقد اجتمعت منذ حوالي شهرين مع وزير الداخلية السابق وسألت الأخ الفاضل الشيخ خالد الجراح بصفتي عضواً في الديوان الوطني لحقوق الإنسان ورئيس لجنة الشكاوى والتظلمات فيه: «كم نزيلا عندنا الآن في سجن الكويت المركزي؟!». فأخبرني بجواب أصابني بدهشة كانت متوقعة بأن عدد النزلاء بلغ الآن حوالي 5 آلاف نزيل ونزيلة! أي ان السجن المذكور يكتظ بنزلاء حوالي ضعف قدرته الاستيعابية! وهذا غير مستغرب لكثرة عدد الجرائم المستحدثة التي تنص على عقوبة السجن – من دون مبرر – وزيادة مدد السجن لجرائم أخرى عادية.. فمجالس أمتنا وحكومتنا الرشيدة رزئتنا بأكبر القوانين الحاضة على السجن لأتفه الأسباب..
نبدأ بإطالة مدة الحبس الاحتياطي.. ثم عقوبات قوانين المرئي والمسموع التي لم تخطر على بال شياطين الكون أجمع.. فشاب يقول رأيه بشخصية سياسية أو تاريخية أو بلد شقيق، وهو مجرد رأي كتبه على شاشة ذلك الجهاز اللعين «الموبايل»، لربما لا يقصده، أو لربما عدل عنه في ما بعد، أو لربما لم يطلِّع عليه أحد أو اطلع عليه عدد من المتابعين لا يتجاوز أصابع اليد، ليصدر عليه حكم بالسجن لمدة 5 أو 7 سنوات، وهو أمر لم يحدث أو تقوم به دولة أخرى غير الكويت! أحد المهتمين بالحقوق المدنية والمتابعين لهذا الموضوع أعلمني عن خبر أصابني بصدمة، وهو أنه مع صدور حكم من محكمة الاستئناف مؤخرا بحبس مغرد 5 سنوات مع الشغل والنفاذ في قضية الاساءة إلى دولة شقيقة، يصبح اجمالي الأحكام التي تم رصدها 7 قرون على المغردين والنشطاء وأصحاب الرأي.
انتهى وتعليقي على ذلك الخبر الصاعق أن ذلك لم يحدث حتى في أحلك سنوات القرون الوسطى ظلامية! لذلك أدعو من على هذا المنبر بتعديل تلك القوانين وإلغاء عقوبة السجن فيها، والاكتفاء بالغرامة أو استبدال، كما اقترح عدد من النواب، «الخدمة الاجتماعية» بها، وهو الأمر المعمول به في الدول المتحضرة.. وهو الرأي الصواب.
فكيف نضع كاتبا لرأي خاص بما يعتقده أو يؤمن به مع المغتصبين والسراق والمزورين في زنزانة واحدة؟! فالسجن اذا كان مستحقا للرِجَالَة كما يقول اخواننا المصريون، فنرجو من مشرعينا الكرام، مجلسا وحكومة، عدم اعتبار مرتكبي جرائم الرأي بموجب قوانين المرئي والمسموع من نمط الرِجَالَة هذا!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
هامش: بعد أن شاهدنا الضجة التي أحدثها أحد النواب السابقين المدانين بأحكام نهائية ذات جوانب سياسية وجنائية بوصوله للكويت مع جثمان والدته – رحمها الله وجعل مثواها الجنة إن شاء الله – قال المذكور إنه يطمع في العفو على الرغم مما شاهدناه منه عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التقليدية من مواقفه وآراءه، ونتساءل هنا: لماذا لا يشمل ذلك العفو الشباب الذي غرر هذا الشخص وأمثاله بهم في حراكهم الخائب الأخير، مرددين عباراتهم التي تعاقب عليها كل القوانين، فهؤلاء الشباب أولى بالعطف، وتلك الجرائم المرتكبة مرتبطة ارتباطا غير قابل للتجزئة؟!
تعليقات