داهم القحطاني: لو كانت رئاسة الوزراء بالانتخاب لكان صباح الخالد أحد الحاصلين على صوتي

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 451 مشاهدات 0


أشعر بالسرور لإسناد منصب رئيس الوزراء إلى الشيخ صباح الخالد، ويشاركني كثيرون هذا الشعور، والسبب الواضح أن الرجل يتصف بالنزاهة ونظافة اليد، وهذا وإن كان أمراً متطلباً من كل شخص، لكنه أمر يتصوّر البعض، خطأً، أنه أصبح نادراً في العمل العام بسبب تنامي الفساد، وعدم وجود حرب فعلية وذكية تنسف هذا الفساد من جذوره.

السبب الآخر الذي يجعلني أتفاءل بإسناد رئاسة مجلس الوزراء للشيخ صباح الخالد أننا نتشارك التخصص العلمي في العلوم السياسية في جامعة الكويت، وهو ما يجعله برأيي مهيئاً للتعامل مع السياسة وتقلباتها بكل ما فيها من ثعالب وضباع وأسود وصقور وحمائم وقطط... وببغاوات.

عندما تخرَّج صباح الخالد في الجامعة لم يركن في مستقبله الوظيفي الى كونه «شيخاً»، ولم يستعجل الوصول الى المناصب العليا، وحسناً فعل، فالمناصب أحياناً قد تكون للسياسي كالمحرقة، فبدأ الدرب دبلوماسياً في بعثة الكويت في الأمم المتحدة، ثم أصبح سفيراً في السعودية، فرئيساً لجهاز الأمن الوطني، فوزيراً للشؤون ثم الإعلام، فاستراحة قصيرة قبل أن يعود إلى ملعبه الرئيسي وزارة الخارجية، حيث تولاها بعد أزمة أدت إلى استقالة وزيرها السابق أحد أبناء عمومته الشيخ محمد صباح السالم.

كانت سنوات صباح الخالد في وزارة الخارجية أشبه ما تكون بالمهمة المستحيلة على وزير جديد، فقد انتشر حينذاك كلام عن تجاوزات مالية في الوزارة، وهناك الربيع العربي الذي تحوّل بفعل القوى غير الديموقراطية إلى خريف غاضب، وهناك مهمة الكويت ودورها التاريخي في مساندة الشعوب العربية المنكوبة، وكذلك مهمتها في دعم الدول العربية الكبرى في ظل تربص قوى دولية وإقليمية تنتظر بأنيابها القاطعة.

كل هذه الأزمات الكبرى لم يكن ليستطيع أي وزير أن يتعامل معها بحكمة وصبر وأناة وذكاء لولا أن يكون رجل دولة حقيقياً، ولولا أن يكون عاشقاً للعلوم السياسية بكل ما فيها من مهارات إدارة الأزمات، والتفاوض، والتخطيط الاستراتيجي الذي قد يجعلك تخسر معركة صغيرة ذات صدى إعلامي، من أجل أن تربح معركة كبرى قد تنام عنها وسائل الإعلام الكسولة. 

بعد ذلك كان على صباح الخالد أن يتعامل مع ملفات عميقة وخطيرة ومتداخلة ومعقدة، فالملف النووي الإيراني بدأ كتحالف غير معلن تحت الطاولة بين إدارة الرئيس باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري، الذي يبدو أن مرونته مع طهران متأثرة بالعلاقة مع زوج ابنته الإيراني الأصل، وبين إدارة الرئيس الإيراني حسن روحاني، ووزير خارجيته جواد ظريف الذي اتهمه خصومه الإيرانيون حينذاك بأنه يمثل في التفاوض دول 5+1 لا إيران.

ثم انتقل هذا التحالف غير المعلن إلى عداء بين إدارة الرئيس الحاد الطباع دونالد ترامب، ومرشد النظام الإيراني الصلب علي خامئني، وما أصعب على الدول المحيطة أن ينتقل النقيض إلى النقيض. 

كان على وزير الخارجية الكويتي صباح الخالد أن يعمل كجراح ماهر لكي يجنب الكويت أن تقع ضحية بين سندان الحليف الأميركي، ومطرقة الصديق الإيراني.

المهمة التي نجح فيها صباح الخالد ضمن إطار أوسع قادها صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، جعلت الكويت، وهي تشارك بقواتها مع الشقيقة الكبرى السعودية ضمن التحالف العربي في اليمن، حيث الحرب ضد الحوثيين حلفاء إيران، جعلت الكويت رغم كل المحاذير دولة توصف بالاعتدال، وتُقبل من كل الأطراف، بما فيها الولايات المتحدة، والسعودية، وإيران، لتكون محطة لتبادل مبادرات ورسائل السلام. ولهذا كان صباح الخالد وإلى اللحظات الأخيرة لما قبل إسناد رئاسة الوزراء له وسيط السلام في المنطقة، سواء في الأزمة الخليجية، أو النزاع السعودي الإيراني، والنزاع الأميركي الإيراني. ‏

سينتهي هذا الإعلان خلال 14   لو كانت رئاسة الوزراء بالانتخاب لكان صباح الخالد أحد الحاصلين على صوتي، لكنه صوت غالٍ فبقدر المسؤولية يكون النقد المجرد من التجني، والمتجرد من النفاق، تماماً كسلسلة الأسئلة الانتقادية التي كنت أوجهها إليه كوزير خارجية في الندوات والمؤتمرات العامة للفت الانتباه للمراوغات العراقية في ملف ترسيم الحدود، وضرورة ألا يخرج العراق من متطلبات الفصل السابع من قرارات مجلس الأمن قبل أن يتم تصحيح مخالفات الجانب العراقي في منطقة المزارع ومدينة أم قصر، وهو ما كان.

«قواك الله يا بوخالد...
حملناك المسؤولية والمسؤولية كبيرة... الله يساعدك عليها...
أنت ثوبك نظيف...
حارب الفساد والمفسدين».
هذي وصية «العود».
وهذي مشاعر الكويتيين.
وأنت قدها وقدود يا بوخالد.

تعليقات

اكتب تعليقك