علي البغلي: المطلوب تغيير عقليات وليس وجوه فقط!

زاوية الكتاب

كتب علي البغلي 451 مشاهدات 0


الكلام يكثر حين ينظر صاحب القرار اتخاذ أكبر القرارات الرسمية الحكومية وأخطرها، وهو قرار تشكيل وزارة جديدة، الذي نتمنى أن يكون موفقا في أكثر من ناحية. فقد سئمنا الوجوه المكررة كثيرا في الوزارات السابقة، كما أننا لم نلمس أي تغيير ايجابي في وجوه الوزارات السابقة. وفعلا أنا كمراقب سياسي وآلاف المواطنين لم نألف أو نعرف حتى الآن وجوهاً كثيرة من الوزراء الذين تربعوا على كراسي بعض الوزارات، والذين سيتركونها مع الأسف، أسوأ مما كانت عندما جاؤوها! وبهذه المناسبة، يشمل جهل معرفة الوجوه، ناهيك عن انجازات بعض أعضاء مجلس الأمة الحالي، فهم دخلوا الميدان السياسي كمجهولين في عالم السياسة والثقافة والاجتماع والتواصل، وغالبا ما يكونون تخرجوا من قلب التشاوريات – الفرعيات التي يحرمها القانون.. فالمنتخب بالفرعية المجرمة لا يعرفه وجهاً وانجازاً، إلا من انتخبه وبلانا به مجتمعاً ومجلساً نيابياً – أي ممثلاً لنا في التشريع والرقابة بموجب أهم مواد الدستور. *** نرجع الى موضوع المقال الرئيسي، وهو رغبتنا ليس فقط في تغيير الوجوه الوزارية والإتيان بمثلها، «وكأنك يا بو زيد ما غزيت!»، لكن نريد عقليات ووجوها تنحو وتصبو الى تغيير سوء الاداء الاداري، الذي أصاب تقريبا كل وزاراتنا، وأصبح يعاني منه المواطن والمقيم. وأنا هنا لا أتكلم عن الفساد والرشى – عيني عينك – والمحسوبية والتعيينات البراشوتية، وأمثال تلك المساؤى الادارية، التي نتمنى أن يرزقنا الله بمن يخفف علينا من وطأتها، لأن التخلص منها هدف كما يبدو بعيد المنال بعد أن تجذرت وأصبحت من الممارسات الادارية العادية، ولكن التغيير الجذري ليس على الله ببعيد أن يتم على يد مخلصين لهذه الأمة وهذا الوطن المعطاء. *** وسأقص على مسامعكم حكايتين عن التردي الاداري: القصة الأولى ذكرها لي صديق كبير السن والمقام ثقة، رماه القدر للعلاج في أحد مستشفيات وزارة الصحة العتيدة، لينتهي يومه الأول بقضاء 3 ساعات في الانتظار وفحص الطبيبة المقتدرة، التي حولته الى مختبر المستشفى لإجراء بعض الفحوصات، على أن يكون صائماً – أي نهار الغد – ليذهب الى ذلك المستشفى، وهو صائم اليوم التالي، ويعرض أوراق التحاليل المطلوبة على الموظف، الذي يخبره بأن أوراقه تحتاج الى ختم لا يوجد إلا بالمستشفى الأميري، لإثبات أنه كويتي معفى من الرسوم؟!   فصدم صاحبنا لأن بطاقته المدنية تثبت ذلك بلا أدنى شك؟!.. بالإضافة الى أنه لماذا لا يوجد ذلك الختم – الرفيع المستوى – بذلك المستشفى؟! وهذه عيّنة من انتقال الأمراض البيروقراطية لدول شقيقة الى مؤسساتنا الحكومية بمباركة وزرائنا، الذين يهوون الرزة والأضواء والظهور في الاعلام، لكن المواطن وراحته وصحته هي آخرما يدرون عنها! الحكاية الثانية: حصلت لي شخصياً بجمعية المحامين، التي أقيم فيها مركز للتقاضي ومكتب لكاتب عدل للمحامين فقط.. توجهت الى هناك لتحرير وكالة لأحد موظفي مكتبي، وكان كاتب العدل سيدة في منتصف العمر، أعطيتها بطاقتي المدنية، فطلبت مني تقديم بطاقة جمعية المحامين.. فبحثت في محفظتي فلم أجدها، لأني نسيتها في المكتب.. فتوجهت الى سكرتير الجمعية ليعطيني شهادة بأني محام ورقمي 75، وقد وصل عدد المحامين مؤخرا الى أكثر من 4 آلاف، أي أنني محام قديم، وعضو مجلس ادارة سابق في جمعية المحامين، فرفضت تحرير الوكالة لي بإصرار وشمم. وحصل تلاسن بيني وبينها لعدم وجود مبرر لذلك التعنت، فاستمرت على الاصرار، وفجأة تدخل أمين عام الجمعية وأجلسني في مكتبه، وطلب منها تحرير الوكالة، فانصاعت له وأتوا لي بالدفتر في مكتبه لأوقعه! لست متعودا لإقحام حياتي الشخصية على القارئ الكريم.. ولكن ما قلته هو مثال على العقليات التي يحتك بها المواطن ويعاني منها يوميا. ومطلوب من أي وزير جديد تغيير تلك العقليات.. عندئذ سنرفع له عقلنا احتراما فقط، أما اذا استمرت الأحوال على طمام المرحوم، فلا طبنا ولا غدا الشر..!

تعليقات

اكتب تعليقك