مبارك العبدالهادي: إلى متى؟
زاوية الكتابكتب مبارك العبدالهادي نوفمبر 7, 2019, 10:26 م 412 مشاهدات 0
في إحدى الديوانيات البارزة التي تحتضن شخصيات سياسية وموظفين ومتقاعدين من مختلف التخصصات العلمية، بدأ النقاش بين الحضور عن الأوضاع المحلية والخارجية وتبادل الهموم والشجون، لكنّ رجلاً مسناً قاطعهم بسؤال وجهه إلى شاب خريج هندسة حديثا من إحدى الجامعات في الخارج عن وظيفته؟ فرد الشاب بكل هدوء مازلت أنتظر في الطوابير.
المسن يسأله وهو يبتسم: "طابور التموين أو المستوصف أو المستشفى أو عند مراجعة أحد الأجهزة الحكومية أو طوابير المركبات في شوارعنا المزدحمة؟". يتوقف الحديث لدخول أحد النواب السابقين الذي كان له صولات وجولات في محاربة زمرة الفساد في بعض القطاعات، فيستأنف المسن الحديث بسؤال الضيف: "ليش صار كل شي بالواسطة؟".
النائب السابق اختصر كلامه "إنتو السبب، وإنتو تتحملون كل تراجع في البلد"، فيرد أحد الحضور بتهكم شديد "احنا ليش، ليش تحملون الشعب دايما بلاويكم؟"، فيجيب النائب السابق بابتسامة كلها ثقة وهدوء: "من يشرع؟ ومن يراقب الحكومة؟ ومن يساهم في القفز على القانون؟ ومن يظلم الآخرين في التعيينات وغيرها؟!"، إنهم بعض النواب الذين انتخبتموهم ولم تتجرؤوا على محاسبتهم أو حتى طردهم من دواوينكم! لماذا العلاج في الخارج أصبح بالواسطة؟ ولماذا الترقيات أصبحت بالواسطة؟ ولماذا التوظيف في بعض المواقع الحساسة أصبح بالواسطة؟ ولماذا أصبحنا نحتاج الواسطة لنقل أبنائنا من مدرسة إلى أخرى أو من فصل إلى آخر؟ ولماذا أصبح كل شيء بالواسطة؟ ولماذا لم يشرعوا قانونا يمنع الواسطة والمحاباة؟ أمام جملة هذا الحديث الشيق عن أوضاعنا المقلوبة نقف أمام هذه التساؤلات، لنراجع حساباتنا، ونتساءل أيضا: إذا لم تملك الواسطة فماذا ستفعل؟ وإذا لم تكن أحد فداوية المتنفذين أو صبياً عند نائب فماذا سيكون وضعك؟
إن حالة الإحباط عند العديد من الناس بسبب الأوضاع المقلوبة وتخبط الأمور وتراجع أوضاعنا كلها تدعونا جميعا إلى الالتفات إلى معرفة المتسبب النواب أم الحكومة؟ وإن التخوف من الشتاء حتى لا يتكرر سيناريو غرق شوارعنا أو بعض المناطق بشبر ماء أيضا يتطلب منا معرفة المتسبب، وطوابير الانتظار في ديوان الخدمة المدنية تدعونا أيضا للسؤال: كم خريجاً لا يزال ينتظر وظيفته منذ سنوات؟
والالتفات إلى الوضع الصحي يجبرنا على ضرورة معرفة كم مريض ينتظر العطف لإرساله للعلاج بالخارج بعد تدهور الصحة! وكم من طالب يتمنى استكمال دراسته في الخارج بسبب عوائق وشروط تعجيزية، وكم خريج ماجستير ودكتوراه لا يعرف ماذا سيكون مصيره لأنه أكمل دراسته على نفقته الخاصة بعد أن رفض ديوان الخدمة المدنية منحه الإجازة الدراسية أو ابتعاثه لأنه فقد شرط العمر الذي يجب أن يكون أقل من أربعين عاما، وغيرها من المآسي التي نسمع عنها في الدواوين أو عبر أحاديث الناس.
وفي نهاية المطاف من يدافع عن حقوق الناس يبدأ الذباب الإلكتروني بشن حملاته عليه في وسائل التواصل الاجتماعي، فإلى متى هذه الحال؟ هل ننتظر استمرار الوضع على ما هو عليه من سيئ إلى أسوأ، أم على السلطتين التكاتف وتوحيد الجهود لإعادة غربلة متطلبات الشارع الكويتي لإيجاد حلول سريعة؟
تعليقات