خالد الطراح: التاريخ والحلم الغاضب!

زاوية الكتاب

كتب خالد الطراح 623 مشاهدات 0


لا يختار الإنسان أحلامه التي تشق طريقها في المنام، ولكن هناك من يهوى أن يغمض عينيه بفكرة أو أمنية حتى ترتخي الأعصاب جسدياً وذهنياً، خصوصاً في ظل ازدحام الضغوط النفسية والاجتماعية من جهة، وضجيج الإشاعات بشتى أنواعها من جهة أخرى. فضاؤنا المحلي بات مسرحاً ليس خصباً للأقاويل فقط، وإنما تحول إلى بيئة حاضنة للإشاعة؛ بسبب صمت رسمي يتجاهل الواقع السياسي، فقد كسرت الإشاعات حاجز المقبول والمعقول منذ عقود، وازدادت وتيرة الانتشار أخيراً، بسبب غياب الدور الفعلي لجهاز حكومي حديث لناطق رسمي! لعل ما نشره الزميل الدكتور محمد المقاطع أخيراً في «الجريدة» بعنوان «غضب الناس.. وتجريح الأسرة»، يجدد التأكيد على ما نكابده كمواطنين من معاناة. «لقد كان حلماً لكنه حلم وطني صادق»، هكذا اختتم المقاطع مقاله، متناولاً دستور الدولة والفساد «وترتيب شؤون الأسرة الحاكمة والتداول الحقيقي للسلطة التنفيذية وحث القضاء على المحافظة على حياديته». كل محور من محاور المقال يستحق التمعن، فالمحاور هي أساساً شجون سياسية تقاسمتها كل التيارات السياسية الكويتية بمختلف اتجاهاتها بكثافة أكبر من الماضي! دفعنى المقال للعودة إلى أطروحة ماجستير للدكتورة نجاة عبد القادر الجاسم نشرت في عام 1973 بعنوان «التطور السياسي والاقتصادي للكويت بين الحربين 1914-1939». لا يمكن استعراض كل التفاصيل لدراسة أكاديمية، فمساحة النشر لا تسمح بذلك، وقد تهضم قيمة الجهد العلمي. ولكن تعميماً للفائدة أعيد نشر جزء من وثيقة تاريخية، ربما تكون ذات علاقة بمقال د. المقاطع وهي تعود إلى عام 1921، بعد تولي الشيخ أحمد الجابر الحكم. الوثيقة ركزت على 5 محاور: 1 - «إصلاح بيت الصباح كي لا يجري بينهم خلاف في تعيين الحاكم». 2 - «أن المرشحين لهذا الأمر هم: الشيخ أحمد الجابر والشيخ حمد المبارك والشيخ عبد الله السالم». 3 - «إذا اتفق رأي الجماعة على تعيين أي شخص من الثلاثة يرفع الأمر إلى الحكومة للتصديق عليه». 4 - «المعين المذكور يكون بصفته رئيس مجلس شورى». 5 - «ينتخب من آل الصباح والأهالي عدد معلوم لإدارة شؤون البلاد وعلى أساس العدل والإنصاف». وقد وقع على «العريضة» كل من «حمد الصقر (رئيساً) ويوسف بن عيسى القناعي وأحمد فهد الخالد وعبد الرحمن النقيب وشعبان الخضير ومرزوق الداود البدر وشملان بن علي بن سيف وهلال المطيري وإبراهيم بن مضف وخليفة بن شاهين أل الغانم وعبد العزيز رشيد». تلت ذلك تطورات سياسية عميقة من بينها قيام «مجلس من اثني عشر عضواً لم يكن بينهم واحد من الأسرة الحاكمة»، فيما نضجت فكرة قيام حركة «الكتلة الوطنية» في عام 1928، مما مهد صدور عريضة أخرى تركز على الجانب التشريعي و«نظام السلطات الثلاث والفصل بينها على الطريقة الحديثة» وصولاً إلى المجلس التأسيسي في عام 1938. قد تسمح الظروف مستقبلاً بتناول جوانب سياسية مهمة للغاية وتحليل علاقتها بواقع الحال والتاريخ، لعلنا نخرج من دائرة الأحلام، تفادياً لحلم غاضب من الحاضر!


تعليقات

اكتب تعليقك