داهم القحطاني: «قبل أن تمصخ»

زاوية الكتاب

كتب داهم القحطاني 584 مشاهدات 0


وجه النائب السابق صالح الملا دعوة للتجمع الأربعاء المقبل في ساحة الإرادة للاحتجاج ضد تنامي الفساد في الكويت تحت شعار «بس مصخت». الكويت تعود بهذا التجمع إلى التظاهرات السلمية مرة أخرى بعد غياب 4 سنوات، فمنذ عام 2015 لم تكن هناك تجمعات بهذا الزخم الذي قابل فيه النشطاء دعوة الملا. في المجتمعات الديموقراطية، التجمعات العامة السلمية تعزز النظام الديموقراطي وتجعله أكثر قوة، وتمنع المجتمعات من الانزلاق نحو العمل السري. ولكن وفي الوقت نفسه هذه التجمعات تحتاج إلى عملية ضبط شديد كي لا يستغلها البعض للانزلاق نحو الفوضى. وحسناً فعل الملا حين ذكر أنه سيتقدم بطلب رسمي لتنظيم هذا التجمع، وهو ما يحد كثيراً من محاولات بعض المتطفلين من استغلال التجمع لتصفية الحسابات مع خصومهم السياسيين. بهذا الطلب سيكون للملا وللجنة المنظمة الحق في ضبط مسار التجمع ومنع أي شخص من الحديث من دون ترتيب مسبق. هناك إنجازات تحققت خلال السنوات الأخيرة، كافتتاح جسر جابر، وتدشين مركز جابر الأحمد الثقافي، ومتاحف مركز عبدالله السالم الثقافي، وبدء عمل سلسلة الطرق السريعة والجسور في مدينة الكويت، وبدء العمل في المقر الجديد لجامعة الكويت في منطقة الشدادية، وغيرها، وهي إنجازات لم تأت بسهولة، وكان للحكومة ولمجلس الأمة دور مهم في إتمامها. لكن وفي المقابل، هناك شعور بالتذمر بسبب تنامي معدلات الفساد في البلاد، ومن عدم قدرة الحكومة والبرلمان على الحد منها رغم كل المحاولات، ما جعل الناس يشعرون بالإحباط رغم رفضهم له ورغبتهم بالتفاؤل دوماً. وجاءت انتخابات اللجان في مجلس الأمة لتعزز من مشاعر الإحباط، خصوصاً بعد تولي نواب سبق أن تم التحقيق معهم في قضية الإيداعات عام 2011 قيادة لجان برلمانية مهمتها الحفاظ على المال العام. السيناريو الأفضل لتعامل الحكومة والأغلبية البرلمانية مع هذه التظاهرات الترخيص لها، واستيعاب المطالب التي تبرز من خلالها، والعمل على تحقيقها، فهذا المسار أقل كلفة من القيام بمواجهة هذه التظاهرات بالمنع أو بملاحقة الناشطين فيها قضائياً، فهذا ربما ما يتمناه البعض ليدخل الكويت إلى مسار الفوضى. وفي المقابل، على الحكومة والأغلبية البرلمانية أن يدركا أن الفوضى الحقيقية ستكون الكويت في منأى عنها إن تمت بالفعل محاربة الفساد بشكل قوي ومباشر وواضح، وإن تم استبعاد كل من تحوم عليه الشبهات من المناصب العامة والنيابية. إن لم يلتزم الطرفان بهذه الضوابط، فإن الحل الأقل كلفة يكون الدعوة إلى انتخابات مبكرة تجعل المواجهة سياسية، وتستند إلى البرامج بدلاً من التخاطب عبر الشارع، وما يحمل ذلك من مخاطر.


تعليقات

اكتب تعليقك