محمد المقاطع : على الأسرة الحاكمة أن تلتزم حدودها كما رسمها الدستور، فلا تتمدد على سلطات الشعب ولا تصادرها

زاوية الكتاب

كتب الآن 994 مشاهدات 0


الجريدة 

معاناة شاقة عاشها جيل الآباء المؤسسين لرسم مستقبل بلدهم في الوثيقة الوطنية (الدستور)، وعاشوا مرحلة منعطفات عديدة مرت بالكويت، سواء بسبب الأطماع الخارجية للظفر بهذه البقعة الصغيرة "الكويت"، أو لشظف العيش، فغامر أهلها بحياتهم في عباب البحر غوصاً وبالسفر تجوالاً، أو بتوثيق رضائية متوازنة بين أسرة الحكم والشعب في المشاركة والحكم، تضمن للأسرة توارث الحكم دون منزلقات أو صراع، وتحقق للشعب المشاركة في الإدارة والحكم.

ولعل أهم ما تولد عن الدستور فيما يخص الأسرة ما يلي:

- ضمان موقعها واستقراره عن حب ورغبة.

- ترتيب شؤونها لمنع الصراع والتنازع على الحكم بتراتبية دستورية بدلاً من المبنية على التراتبية العمرية.

حددت ركائز الأسرة الثلاث: أمير يسود ولا يحكم بسلطات مقيدة، وولي عهد يليه ويحسم بتلقائية إجرائية، وأسرة حكم تدعم وترشد وتنأى بنفسها عن المنافسة والتجريح.

- وقد أثمر الدستور نتائجه في أخطر أزمات وأوقات الكويت، فهو سند إعلان الدولة المستقلة في وجه أطماع عبدالكريم قاسم سنة 1963.

- وهو الوشاح الذي ارتداه الكويتيون لعبور الغزو وتشكيك الغرب في شرعية الأسرة عام 1990، فجُدد التمسك به من الحاكم والمحكوم.

- وهو المرجعية في إشكالية انتقال الحكم وإجراءاته سنة 2006.

- واليوم ما زال في الأسرة مَنْ يحاول أن يهمش الدستور ويخرج عن أحكامه، بقصد أو بسذاجة، فعلى هؤلاء أن يدركوا أن قوة الكويت حكاماً ومحكومين تكمن فيما سطره الدستور وفي توازنه، ولَم يعد من خيار إلا أن ترتب الأسرة شؤونها وفقاً للتراتبية الدستورية لا العمرية، وأن تلتزم الأسرة حدودها كما رسمها الدستور، فلا تتمدد على سلطات الشعب ولا تصادرها، بل ينبغي حفظ واحترام ما رسمه الدستور لكل منهما، وأهمها برلمان حر لا تُسيّره الأسرة ولا تتدخل في شؤونه، ولا تنقل صراعها إلى قبته بل تحسمه داخلها.

حس وطني

عدت حديثاً من السفر إلى بلدي الكويت، ولفتت نظري حالة الحركة الدؤوبة التي تسود أوساط الناس، فهم متذمرون، بل غاضبون، فقد بلغت أحوال بلدهم حداً من التراجع والتردي لم يعد مقبولاً ولا يمكن السكوت عنه، فهم يتهامسون، بل يجاهرون، بل ويلتقون ويجتمعون، وحديثهم بشأن كيف صارت بلادهم في مهب الريح، وقد وجدت دعوة تنتشر سريعاً بينهم! ما هي تلك الدعوة يا ترى؟ إنها دعوة لاعتصام سلمي كي يمثل وقفة احتجاج مدوية تصل أصداؤها إلى كل المسؤولين بأنه قد بلغ السيل الزبى، ولم يعد السكوت أو التفرج خياراً.

ما هي طبيعة دعوتهم تلك؟ إنهم يتداعون لاعتصام سلمي شامل يكون يوم السبت مساء، يحتشد فيه ما لا يقل عن ألف شخص أمام كل مستوصف صحي في كل منطقة سكنية في البلاد، والبلد فيها 87 مستوصفاً، أي هي دعوة لاحتشاد قرابة 87 ألف مواطن في ساعة واحدة بوقفة احتجاج سلمية تعبيراً عن السخط والمطالبة بتغيير الأوضاع السيئة التي تعيشها الكويت، وقد وجدت أن مطالبهم تتمثل بخمس قضايا رئيسية هي:

١- ترتيب شؤون الأسرة الحاكمة لوقف صراعها وتنافسها على الحكم، ووقوفها عند حدود ما هو مقرر لها بالدستور.

٢- المطالبة بتداول حقيقي للسلطة التنفيذية وكسر احتكار رئاسة الحكومة.

٣- حل مجلس الأمة الذي صار نموذجاً للفساد، وأضحى معظم أعضائه منتفعين أو فاسدين.

٤- إحالة مجموعة من الشخصيات السياسية والتجارية للمحاكمة نظراً لتورطهم في قضايا فساد.

٥- حث القضاء على المحافظة على حياديته ومنع التدخل في شؤونه، والنأي بنفسه عما يمس سمعته.

وقد احتشد في ذلك اليوم أمام المستوصفات حوالي 100 ألف مواطن، ونقلت تجمعاتهم كل وسائل الإعلام العالمية. وفِي تلك اللحظة رن جرس المنبه ليوقظني من النوم، لقد كان كل ذلك حلماً لكنه حلم وطني صادق.

تعليقات

اكتب تعليقك