محمد الوشيحي: استقبال ولادة

زاوية الكتاب

كتب محمد الوشيحي 647 مشاهدات 0


كما كنت أقول سابقاً، ويقول غيري، في أيام انتخابات مجلس الأمة الكويتي، عندما كنا نرى هذا الكم الهائل من صور المرشحين الملصَقَة على أعمدة الإنارة في الشوارع، أو الجداريات الضخمة الملصقة على جدران البيوت أو المعلقة عليها، بخلاف ما يحويه المقر الانتخابي من تفاصيل أشبه بـ"استقبال ولادة" لامرأة فاحشة الثراء والفراغ، كالتركيز على التفاصيل الدقيقة لكل شيء؛ فعلبة المناديل مكتوبٌ عليها اسم المرشح، ودلة القهوة وفناجينها محفورٌ عليها اسم المرشح، والمباخر كذلك، ووو...

إضافة، بالطبع، إلى وجبات العشاء التي تتكفل بها مطاعم الفنادق الفخمة لتحضرها إلى المقر الانتخابي ليلة "الندوة" التي ليس فيها شيء يوحي بأنها ندوة، بل مجرد تبادل قبلات السلام والترحيب والضحكات، ثم: "تفضلوا على العشاء".

كنا نقول ما معناه: "نفهم مثل هذه التصرفات إن قام بها مرشح يريد أن يعطي فكرة، أو صورة، توحي بأنه فاحش الثراء، وأنه على استعداد لشراء المرشحين، أما أن يفعل ذلك مرشح يعرض نفسه للناخب كصاحب فكر وموقف ورأي، فهذا من الخبل المدقع، والسفه الذي لا يُرقع".

هذا الأمر ثبت جلياً في حملة الرئيس التونسي الحالي، قيس سعيد، الذي رفض أموال الحملة الانتخابية التي تقدمها الدولة للمرشحين، ورفض تعليق صوره في الشوارع، ورفض صرف الأموال على وجبات العشاء للمجتمعين حوله في الندوات والمؤتمرات، ورفض كل مظاهر الفشخرة. صحيح أن بعض أنصاره تطوعوا بإلصاق صوره في بعض الشوارع، وحملوا باجات باسمه، إلا أن تصرفهم هذا نابع من تلقاء أنفسهم ورغباتهم، لا بطلب منه.

وفي المقابل، رأينا كيف صرف خصمه الأموال الكثيرة على حملته الانتخابية، خصوصاً الشق الإعلامي منها، وهو الذي يمتلك قناة فضائية تلفزيونية.

الخلاصة؛ لو تُرك الناس يختارون مرشحيهم بحياد وعدل، ما احتاج المرشحون في الكويت إلى حملات "استقبال ولادة".

تعليقات

اكتب تعليقك