حسن العيسى: ألا يوجد مسؤول يتحمل أخطاءه؟
زاوية الكتابكتب حسن العيسى أكتوبر 12, 2019, 10:35 م 454 مشاهدات 0
سواء صحت أو لم تصح "تسريب تحقيقات النيابة" عن مسؤولية وزير الداخلية بتوجيه حسابات "كاذبة" (أي تختلق الأكاذيب والإشاعات) عن سياسيين وغيرهم في قضية الضابط القيادي المتهم بتوجيه تلك الحسابات، تبقى مسؤولية هذا الوزير عن هذه الحسابات المصطنعة قائمة، إن لم يكن من الناحية الجزائية، فمن الناحية السياسية. المخجل أنه لم يتحدث بهذه المسؤولية غير النائب عبدالوهاب البابطين.
هي ليست مسؤولية سياسية فقط لوزير الداخلية، وإنما هي مسؤولية سمو رئيس الحكومة ذاته، في الموضوع، فكيف نتصور أن مثل هذا الضابط (إن صحت التهم) يقوم من تلقاء نفسه بتجييش أعداد من مرتزقة "تويتر" لتصفية حسابات سياسية وضغائن مع آخرين لا يهضمهم هذا الوزير أو غيره، في لعبة خلافات وصراعات القصر! هؤلاء مرتزقة الردح والقدح السياسي قبضوا من دون شك آلاف ومئات آلاف الدنانير، في جرائم رشا ونشر أكاذيب وغيرها، هل المطلوب أن نصدق حكاية أن الضابط المتهم كان يتصرف من تلقاء نفسه، ويدفع من جيبه الخاص تلك المبالغ الكبيرة من أجل عداوات شخصية له ليس له أي مصلحة في إثارتها؟!!
حدثوا العاقل بما يعقل، يا جماعة الحكومة، ويا نواب الصمت، فهناك حدود لما يمكن تصديقه وهضمه، ولعبة "الاستعباط" التي تمارسها السلطة اليوم إن سكت عنها بالأمس فلن تستمر إلى الأبد، فالناس، مهما كانت ظروفهم، لهم عقول ويدركون تفاهة ما يحدث، وهناك حدود لهذا الاستعباط عند أصحاب القرار (في وقت لم نعد نعرف من هو صاحب القرار هنا) من علماء "البخاصة" فيما يجري في صراعات القصر، ولعبة تصفية الحسابات عبر جيوش الوكلاء المرتزقة.
لا البلد في ظروفه الداخلية ولا أوضاع المنطقة والإقليم يتحملون اليوم هذا الكم من التفاهات الخطيرة التي تلعبونها اليوم أنتم دعاة البخاصة واحتكار الرأي. نقرأ كل يوم عن أوضاع الديرة الاقتصادية السيئة القادمة مع تناقص الاحتياطي العام، وزيادات رهيبة في أعداد الخريجين القادمين لسوق العمل الذين لن يمكن استيعابهم بأي من القطاعين العام والخاص. نطالع كل يوم عن أحوال منطقتنا الخليجية وحروب الوكالة الملتهبة بها، وعجز الأنظمة الحاكمة عن وضع حلول لها.
نلمس باليدين كل يوم "فساداً" نتناً في معظم مؤسسات الدولة، ليس فساد الكبار، فهذا أمر مفروغ منه، ولكنه فساد من موظفين صغار أيضاً، معاملات لا "تمشي" بغير دفع المعلوم أو بواسطة أو محسوبية ومعرفة شخصية. جهاز إداري ضخم لا ينتج ومتواكل، رضي بحالة البطالة المقنعة التي يحيا بها، ترد في أوضاع التعليم والصحة ومعظم الخدمات. أحكام قضائية قاسية تصدر في قضايا الرأي بسبب تشريعات دراكونية سيئة تريد تدجين الفكر وتقييده في أقفاص السلطة، ويا ليتها سلطة واعية مدركة على مستوى المسؤولية والتحدي... لكنها كما ترون يا ناس "شوفة عينكم"... ماذا بعد...؟ وماذا يشغلكم الآن غير كراسيكم وثرواتكم...؟
هل يوجد مسؤول واحد عندكم يقف ويقول فقط لمرة واحدة في التاريخ: نعم أتحمل مسؤولية كل ما جرى، وسأستقيل، فقد دفعنا البلد للهاوية وكفى! دعونا نحلم بهذا الوهم ولو للحظة صغيرة.
تعليقات