حمد العصيدان: الوضع المالي للدولة يترنح بين هدر حكومي وإصرار نيابي على تمرير قوانين شعبية
زاوية الكتابكتب حمد العصيدان سبتمبر 29, 2019, 11:17 م 898 مشاهدات 0
الراي
صادمة تلك الأرقام التي تساقطت في إحدى الندوات السياسية التي نظمت الأسبوع الماضي، ولا سيما أنها أرقام تتعلق بميزانية دولة ومقدرات بلد، لتكشف بلا أدنى شك نوعا من الهدر الذي لم يتوقف، واتخذ أشكالاً شتى، رغم سياسة التقشف التي أعلنها مجلس الوزراء، وطلب من الوزارات والجهات الرسمية «شد الحزام»، ولكن هناك بعض الجهات يبدو أن حزامها واسع جداً أو ليس لديها حزام بالأصل حتى تشده!
وزير المالية الأسبق بدر الحميضي، دق ناقوس الخطر، خلال حديثه في الندوة، في ما يتعلق بالاحتياطي العام للدولة، كاشفاً عن انخفاض، يصل إلى مستوى الانهيار، في ذلك الاحتياطي، بنزوله من مستوى 21 مليار دينار، إلى 7 مليارات فقط، أي أن هذا الاحتياطي فقد 14 مليار دينار، رغم محافظة أسعار النفط على مستوياتها عند 64 دولاراً، عازياً هذا الانهيار في الاحتياطي إلى الهدر الحكومي، ومنتقداً سياسة الحكومة في ملف المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية. ولعل ما يتقاطع مع كلام الحميضي التحذير الذي أطلقه النائب عبدالكريم الكندري، في الندوة نفسها، عن وجود «قنبلة موقوتة» قابلة للانفجار في أي لحظة، في ما يتعلق بتزايد أعداد المؤمن عليهم في التأمينات، مع 369 ألف موظف مسجلين لدى المؤسسة، و140 ألف متقاعد، إضافة إلى 50 ألف طالب سيحتضنهم سوق العمل خلال السنوات الخمس المقبلة، وهو ما يضع مؤسسة التأمينات على المحك في ما يتعلق بقدرتها على التعامل مع هذه الأعداد، ولا سيما أنها تشهد تراجعاً في استثماراتها الداخلية والخارجية، بوجود 16 صندوقاً استثمارياً متعثراً لديها، على حد قول الكندري.
وما بين الرجلين، يبرز مسؤول في المؤسسة، هو نائب مديرها العام للشؤون القانونية خالد الفضالة الذي حذر من جهته، من وضع المؤسسة في موقف محرج بالتعديلات التي طرحت لقانون التقاعد المبكر، خوفاً من تأثر الصناديق السيادية، ولوقف العجز الاكتواري الذي أنهك المؤسسة بعد أن وصل إلى 19 مليار دينار بسبب انخفاض عوائد الاستثمار، والتشريعات البرلمانية التي تخالف التوجهات العالمية، على حد قوله.
وبعيدا عن التحذيرات الحكومية والإصرار النيابي على تعديلات قانون التقاعد وإلغاء «الاستبدال» وتعويضه بـ«الأمثال» الذي أقرته اللجنة المالية البرلمانية، فإن ما يهمنا الوضع المالي للدولة الذي نرى انه يترنح، بين هدر حكومي وإصرار نيابي على تمرير قوانين شعبية، ولا سيما في الأمتار القليلة قبل العودة إلى صناديق الاقتراع لاختيار مجلس جديد العام المقبل. وهذا بالذات، وأمام تقاذف الكرة بين الفريقين، يجب التأكيد أولاً وقبل كل شيء على حماية أموال المتقاعدين، وضرورة عدم المساس بها من خلال تحصين مؤسسة التأمينات الاجتماعية لعدم اختراقها بأي صورة كانت، منعا للعبث بأموالها، ويكفي ما أصابها من قضية الرجعان التي لا تزال تعاني من تداعياتها. وأشدد هنا على ضرورة تصدي المجلس في دور انعقاده الاخير إلى مسألة الهدر الحكومي التي تسببت بنزيف الاحتياطي العام للدولة، ليفقد أكثر من 66 في المئة من أمواله.
فنحن لا نريد الوصول إلى لحظة تقول فيها المؤسسة إنها عاجزة عن صرف مستحقات أو رواتب المتقاعدين. أما في ما يتعلق بإلغاء الاستبدال وتعويضه بالأمثال التي ينال فيها المتقاعد 16 راتبا مقسمة إلى (9 + 7) فهذا أمر يمكن تداوله مع المختصين لتحقيق طموحات المتقاعدين وعدم الإضرار بوضع المؤسسة المالي.
تعليقات