#جريدة_الآن مظفر عبدالله: ما تعريف مدينة الكويت؟!
زاوية الكتابكتب مظفر عبدالله سبتمبر 21, 2019, 10:34 م 489 مشاهدات 0
لست في وارد الحديث عن الجوانب المعمارية في مدينة الكويت، لكنني ألحظ كغيري أنه على الرغم من سوء التخطيط العمراني في المدينة في سنوات الطفرة النفطية فإن مستويات النظافة العامة كانت جيدة بعكس الوضع الحالي الذي ازداد سوءا مع زيادة تدهور شكل المدينة العمراني.
أول العمود:
على الرغم من الحديث المحموم عن الحرب في منطقة الخليج فإن رائحة المال أكثر انتشاراً من أي شي آخر.
***
إذا قُيِض لأحد منا أن يتجول راجلاً في رقعة معينة من مدينة الكويت، بدءاً من شارع فهد السالم حتى منطقة الشرق، فماذا سيشاهد؟ وكيف يمكن أن يفهم اختلاط المنشآت والمباني القديمة المهجورة منذ الخمسينيات وبعضها طيني، بمباني عقدي الستينيات والسبعينيات، وطفرة المباني غير واضحة المعالم التي غزت المدينة في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وصولاً إلى النباتات الإسمنتية العالية المسماة الأبراج وناطحات السحاب؟ إنه سيجد خلطة مرتبكة يصعب عليه فهمها، بل ستسبب له صعوبة في إيجاد تعريف للمدينة!
على عكس التناغم الذي تنعم به مدن عديدة ليست في أوروبا ودول شرق آسيا فحسب بل في دول عربية كتونس والمغرب، نجد أن مدينة الكويت عبارة عن وسط عمراني مُقلق للعين والذهن، إذ لا يمكنك أن تستمر في المشي كيلو متر واحد دون أن تعترضك مبان وشوارع تجبرك على سلك طرق أخرى لأنها– المدينة– خاضعة لعملية استثمار جشعة، وعملية استحلاب للثروة على حساب هوية المدينة وشكلها وأهدافها التي يجب أن تصب في اتجاه من يمارس التجول راجلاً كأولوية وليس لسائقي السيارات والحافلات فقط، فالمدن الحضارية هي التي توفر الأمان لمن يمشي على رجليه أو بصحبة أطفاله وهو آمن من التلوث وسباق السيارات المحموم، أو القاذورات والمهملات الموجودة في بعض الطرق الداخلية والمكشوفة.
لست في وارد الحديث عن الجوانب المعمارية في مدينة الكويت لأنني وبكل بساطة لست ممن يفقهون في هذا العلم الإنساني العالي الأهمية في حياة البشر، لكنني ألحظ كغيري أنه على الرغم من سوء التخطيط العمراني في المدينة في سنوات الطفرة النفطية فإن مستويات النظافة العامة كانت جيدة على عكس الوضع الحالي الذي ازداد سوءا مع زيادة في تدهور شكل المدينة العمراني.
قد يهرب بعضنا إلى جيوب آمنة داخل المدينة، نظيفة وحميمية، وتوفر الراحة والرفاهية وقضاء وقت ممتع بعيد عن هدير محركات السيارات وحافلات النقل الجماعي مثل حديقة الشهيد، ومركزي جابر وعبدالله السالم الثقافيين، حيث نشعر بالأمان داخلها.
لقد أصبحت هذه الأماكن جزرا نظيفة صُممت للممارسات الحضرية الراقية لكنها في وسط مساحة متوحشة لا عنوان لها ولا هوية، وذلك بفضل الإهمال الحكومي، وجشع وسيطرة المستثمرين على زمام الأمور داخلها، ولذلك لم يعد للمعماري الذي يخدم رغبات البشر الحياتية صوت مسموع، إنما الصوت الوحيد هو صوت ملاك الملايين الذين يخططون المدينة تبعاً لأهدافهم الربحية والتجارية الصرفة، وهنا تضيع المدينة، وهي قد ضاعت منذ عقود.
تعليقات