#جريدة_الآن عبدالمحسن يوسف جمال: الردع بالتهديد
زاوية الكتابكتب عبدالمحسن جمال سبتمبر 16, 2019, 9:38 م 588 مشاهدات 0
إحدى عجائب العلوم السياسية انها مجال خصب لايجاد نظريات جديدة يعتمد عليها السياسيون في صراعهم بين الدول. من آخر هذه النظريات، التي عملت بها الادارة الاميركية في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، نظرية «القوة الناعمة»، التي جاء بها استاذا العلوم السياسية جوزيف ناي وأوين كيوهان، والتي تعتمد على التهديد بالقوة من دون استخدامها.. وهي تكمل نظرية «حافة الهاوية». هذه النظرية حسب الظاهر انها أعجبت الرئيس الاميركي الحالي دونالد ترامب، بالرغم من انه يخالف الرئيس اوباما في كل شيء إلا في هذا. تملك الولايات المتحدة عنصر القوة في كل شيء تقريبا، فهي الأقوى تسليحا، والاكثر نفوذا سياسيا في العالم، والأغنى اقتصاديا، الا ان عالم اليوم قد تغير كثيرا، فلم تعد القوة كل شيء، بل اضحت التحالفات الدولية هي الأهم في العالم، وهذا ما تعمل عليه روسيا والصين وايران، ونوعا ما تركيا، لتشكل قوة جديدة تعادل بها القوة الغربية. لذا فإن الطرفين يفهمان جيدا معنى استخدام القوة الناعمة لإخافة الآخر، ولم يعد التهديد من طرف واحد فحسب، بل أصبح التهديد يقابل بالتهديد، والوعيد بالوعيد. ولعل القارة الأوروبية والواقعة وسط هذا التشاحن الاميركي - الروسي الصيني، أصبحت الطرف «الأعقل» في موازنة هكذا صراع. من هنا، فإن الاتفاق النووي الاخير بين الدول الخمس الكبرى وايران وخروج اميركا منه أصبح النموذج الأبرز لتطبيق نظرية استخدام القوة الناعمة في تحقيق مصالح الدول. وعليه فيجدر بالسياسيين اليوم متابعة هذا الصراع من خلال استخدام الولايات المتحدة وإيران لهذه النظرية، خصوصاً انها اصبحت مكشوفة للجميع، ولعل هذا هو سبب استبعاد الرئيس ترامب سكرتيره للامن القومي جون بولتون، لأنه لا يجيد تطبيق هذه النظرية، بل لا يفهم الا لغة القوة الصلبة، التي لم تعد مطلوبة هذه الايام مع اقتراب الانتخابات الاميركية، والتي يريد ترامب دخولها مجددا من دون ان يكون في رصيده انه ادخل بلاده في حروب جديدة، قد تكون مرهقة ومع عدو شرس ومقاوم. وما يميز النظريات السياسية الحديثة انها تحاول ابعاد الدول عن الحروب المكلفة مادياً وإنسانياً. ويبقى الآن ايجاد دبلوماسيين محنكين يستطيعون إخراج دولهم من عنق الزجاجة من دون كسرها، ومن دون التسبب بخسائر تطيح بالرؤساء الطامحين لتجديد ولايتهم الثانية. وهذا ما يسعى الى عمله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع الايرانيين وبمساعدة اوروبا كلها.
تعليقات