#جريدة_الآن داهم القحطاني: دويلة «حزب الله» الإيرانية

زاوية الكتاب

داهم القحطاني 459 مشاهدات 0


لم يعد هناك أي شك في أن ميليشيا حزب الله مجرد قوات زرعتها إيران في المنطقة العربية، لتنفيذ مخططاتها بالتوسع والسيطرة، وأن هذه الميليشيا لم تكن يوما تدافع عن لبنان أو تقاوم العدو الصهيوني، انما كانت تقوم بذلك لتثبيت النفوذ الإيراني في هذه المنطقة الجغرافية المهمة والمؤثرة دوليا. ولم يعد هناك شك في أن ميليشيا «حزب الله» رفعت شعار المقاومة لشرعنة ترسانة الأسلحة التي تملكها بهدف خلق دويلة إيرانية تبتلع لاحقا الدولة اللبنانية. وقد كشف الحزب عن حقيقته مرارا، منها عندما اغتال الزعيم السياسي السني رفيق الحريري، وعندما قامت الميليشيا باحتلال مدينة بيروت عام 2008. أما الإعلان المفضوح عن التبعية للمشروع الإيراني، فقد ظهر حين تدخل الحزب في الحرب السورية، حيث كان يعمل ضمن القوات الإيرانية التي جاءت لترسخ الوجود الإيراني في دولة تعتبر حاضنة للسنة. قبل الثورة الإيرانية، وقبل إنشاء ميليشيات حزب الله، كان الشيعة العرب بحال أفضل، فما كان يواجهونه من ظلم كان يتم لأنهم مواطنون عرب وليس لأنهم شيعة، وكان السنة يواجهون الوضع نفسه أيضا، لأنهم مواطنون عرب وليس لأنهم سنة. ولكن بعد مجيء الثورة الإيرانية، وإنشاء ميليشيات حزب الله، بدأت محاولة إخراج الشيعة العرب من حضنهم العربي إلى الحضن الطائفي، عبر تأجيج المشاعر الطائفية، وعبر التلاعب بالمقدسات لدى الشيعة، وعبر اختلاق حوادث توجه ضد الشيعة هنا وهناك وتتم نسبتها للسنة. صراع ميليشيا حزب الله مع إسرائيل مر بمرحلتين، المرحلة الأولى تتمثل في المواجهة المباشرة لتحقيق غرضين: أولهما ترسيخ وجود حزب طائفي موال لإيران يتكون من ميليشيات عسكرية قتالية، والغرض الثاني طرد الإسرائيليين من جنوب لبنان حتى تتمكن ميليشيات حزب الله من بناء دويلتها في المناطق المحررة. المرحلة هذه تمت بالفعل، فظهرت ميليشيات حزب الله عام 2000، وبعد الانسحاب الإسرائيلي، كدويلة حاكمة في جنوب لبنان، وظهر الأمين العام للحزب كرئيس دولة فعلي. وهكذا استطاعت هذه الميليشيات أن تستغل فكرة المقاومة لإنشاء دويلة طائفية تابعة لإيران في جنوب لبنان. أما المرحلة الثانية فكانت تتم عبر المواجهات غير المباشرة مع العدو الصهيوني بهدف إضفاء الشرعية على وجود السلاح لدى ميليشيات حزب الله. ولهذا وطوال سنوات ما بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان كانت ميليشيا حزب الله ترفض التخلي عن السلاح رغم مطالبات الدولة اللبنانية، وكان الحزب في سبيل ذلك يختلق مواجهات محدودة مع إسرائيل يستهدف منها تحييد المطالبات بنزع سلاحه، وتخوين من يطالب بذلك. في عام 2005، وحين قامت ميليشيات الحزب باغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري بدعم سوري، وأتبعت ذلك بحزمة اغتيالات لشخصيات سياسية وإعلامية لبنانية تعارض حزب الله وسوريا، بدا أن الحزب يواجه ورطة كبيرة، خصوصا بعد الانسحاب السوري من لبنان، وبعد ازدياد المطالبات بنزع أسلحته، قام وكالعادة باختلاق مواجهة مع إسرائيل عام 2006، لكي يستغلها لإعادة ترويج نفسه كقوة وطنية مقاومة. لكن هذه المرة لم تنطل لعبة حزب الله المفضلة لا على اللبنانيين، ولا على الشعوب والحكومات العربية، فظهرالوجه الحقيقي لهذا الحزب الإيراني. ومع توالي مطالبات اللبنانيين بنزع سلاح الحزب وتحوله لحزب سياسي، قامت ميليشيات الحزب باحتلال مدينة بيروت عام 2008، ومحاصرة المؤسسات الحكومية، مما جعل المتشكك في حقيقة هذا الحزب يدرك وبشكل لا لبس فيه أن ميليشيات حزب الله قوة معادية للدولة اللبنانية. ومنذ ذلك الحين ولبنان والشعب اللبناني يدفعان ثمن وجود هذه الميليشيات ويحاولان التعايش مع هذا الوضع الغريب، مما جعل الحزب يتمكن من السيطرة جزئيا على مفاصل الدولة اللبنانية. لهذا كله لم يعد مقبولا من أي كاتب منصف ومهني أن يصف ميليشيات حزب الله بأنها قوة مقاومة للعدو الصهيوني، فهذا وصف يعطي لهذه الميليشيات شرعية غير حقيقية، كما أنه وصف يرسخ وجود هذه الميليشيات الإيرانية التي تستهدف تدريجيا السيطرة على المنطقة العربية.

تعليقات

اكتب تعليقك