#جريدة_الآن عبدالعزيز الكندري: نظامنا التعليمي ومدارسنا تقتل الإبداع!
زاوية الكتابكتب أغسطس 28, 2019, 10:59 م 698 مشاهدات 0
الراي
«إن التعليم هو جواز سفرنا للمستقبل، لأن الغد ملك لأولئك الذين يعدون له اليوم». مالكوم اكس
في الذاكرة العودة للمدارس تعني للأبناء والآباء الكثير من الصور السلبية، وتتحمل الأسرة والمدرسة جزءاً كبيراً من هذه الصورة السوداوية عن التعليم، ولكن الإعلام له الصورة والمقام الأكبر كونه شديد التأثير على الناس، فقد بيّن الإعلام من خلال مشاهد تمثيلية - لا تعد ولا تحصى - أن المدارس تعني كثرة المطالب والتعب، والتهكم على المعلمين وجعلهم مادة للضحك والسخرية.
حتى أصبح الواقع قريبا من هذه النظرة، وما أن تبدأ المدارس حتى تحزن بعض الأمهات بسبب كثرة الواجبات المنزلية التي تتابع بها الأبناء، وغالبية الرجال الشرقيين يلقون كامل مسؤولية الأبناء على الأمهات، حتى يتفرغ هو لطلعاته وجلسات الدواوين اليومية ولساعات طويلة.
وقبل أيام شاهدت مقطع فيديو يتحدث عن التعليم في «فنلندا»، وكيف كان في السابق سيئا للغاية، إلى أن تربعت على عرش العالم في التعليم وفي سنوات قليلة، هي دولة صغيرة وعدد سكانها 5.5 مليون نسمة، ولكن طلابها استطاعوا أن يبدعوا في الرياضيات والعلوم والقراءة ويتفوقوا على تلاميذ بقية دول العالم... ولكن كيف حصل لها ذلك ولماذا لا نتعلم من تجربتهم في التعليم؟
توفر الحكومة «الفنلندية» رياض أطفال بأعلى المعايير، وتستقبل الطلاب من عامهم الأول إلى أن يبلغ الطفل سبع سنوات وهي مجانية للجميع، وتكون مخصصة للعب والتعليم المرح.
تعتبر وظيفة المعلم في «فنلندا» من أفضل الوظائف وهي في مستوى وظيفة الطب نفسه، ولكي يتم الحصول على وظيفة معلم يجب الحصول على درجة ماجستير بحثية... مدفوعة التكاليف من قبل الحكومة الفنلندية، والمنافسة كبيرة للالتحاق بالبرنامج، وقبل سنوات استقبلت إحدى الجامعات 2300 طلب للتخصص في تعليم المرحلة الابتدائية والمنافسة كانت على 120 مقعدا فقط لا غير... فتخيل حجم الاهتمام بهذه المرحلة العمرية التي يتشكل فيها الطالب.
وتقوم الحكومة بمنح المعلمين استقلالية كاملة داخل فصولهم الدراسية، ويملك المعلم القدرة والقرار في تطوير وتجريب أساليب جديدة من التعليم مثل المحاضرات أو إشراك معلمين آخرين في إلقاء هذه المحاضرات الدراسية للطلاب.
ويقال إن المنهج الدراسي مختصر جداً، لدرجة أن مادة الرياضيات من الصف الأول إلى الصف التاسع أكثر من 10 صفحات فقط، وتترك التفاصيل الدراسية وطرق تدريسه إلى المعلمين الذين يتمتعون باستقلالية داخل الفصول الدراسية ليقوموا بهذه المهمة... إيصال المحتوى المفيد للطلاب.
ولا يوجد اختبارات موحدة للطلاب في «فنلندا»، رغم تفوقهم على العالم في الرياضيات، ولكن هناك اختبار قبل المرحلة الجامعية، أما ما قبل ذلك فيوجد بعض الاختبارات الاختيارية ولا يتم حتى الإعلان عن نتائجها مما يعطي مساحة كبيرة للمعلمين لكي يبدعوا في إعطاء الطلاب الأمور المهمة.
فإذا كانت الدول المتقدمة تعلم أبناءها بهذه الطريقة، وتترك الواجبات المنزلية، وتخلصت من الكتب الكبيرة وحشو المواد، فإن نظامنا التعليمي كما يقول كين روبنسون - أحد خبراء التعليم - إن المدارس تقتل الإبداع، إذ المناهج تتخذ شكلاً هرمياً حيث نجد العلوم واللغات في أعلى الهرم، بينما تتوسط العلوم الإنسانية هذا الهرم وأخيرا تقبع الفنون بأنواعها أسفله.
الخلاصة: التعليم صناعة حاله حال الصناعات الأخرى، وإذا لم ننجح فيه... فلن نتفوق في أي مجال، لأن التعليم هو أهم رافد لكل المجالات.
تعليقات