#جريدة_الآن د. حمد الأنصاري: طوفة هبيطة!.. وحق جميع المواطنين في التمتع بثروات هذا الوطن

زاوية الكتاب

كتب حمد الأنصاري 657 مشاهدات 0


الراي


انتشر قبل أيام عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو حول بناء أحد المواطنين لحائط أو طوفة - كما نقول باللهجة الكويتية - مخالفة، وقد وضعت البلدية إعلاناً على ذلك الحائط بأنه مخالف ويجب إزالته، حيث أن ذلك الحائط يسد ممراً يؤدي إلى شاطئ البحر، فكانت الصدمة بأن قام أحدهم بإزالة إعلان البلدية!
هذا الموقف المضحك المبكي يبين مدى عدم اكتراث البعض بالقرارات الحكومية، وكيف أن هؤلاء يرون أنفسهم فوق القانون، ويرون الحكومة «طوفة هبيطة»... وهي كذلك، لكن ما شدني للكتابة حول هذا الموضوع أمور عدّة، أولها إغلاق الممر المؤدي لشاطئ البحر وصعوبة تمتع المواطن بتلك الشواطئ، فرغم أن الكويت تطل على الخليج العربي بواجهة بحرية كبيرة إلّا أنه قد بات من الصعب استمتاع المواطن البسيط بشواطئ البحر، فالشواطئ اليوم «محتلة» من قبل المطاعم والمقاهي والفنادق، أما بقية الشواطئ فتعاني من التلوث بسبب مجاري تلك المطاعم والمقاهي وغيرها... وأنا لا أبالغ عندما أقول أن المواطن لو أراد السباحة في البحر فسيجد نفسه أمام خيارين؛ إما أن يدفع عشرات الدنانير لدخول شواطئ أحد الفنادق وإما أن يضطر للقيادة لمدة تقارب الساعة للوصول للشواطئ الشمالية أو الجنوبية!
هذا الأمر لم يأت من فراغ، بل هو استمرار لما يحدث من انعدام للعدالة، فالشواطئ اليوم مثلها مثل الحيازات الزراعية وعزب الحيوانات أو «الجواخير»، التي يتم توزيعها كترضيات وهبات لفئة قليلة، وخير مثال على ذلك الشاليهات المأخوذة بوضع اليد
على أراضي الدولة، ويبدو لي أن الدور قادم على الشواطئ الشمالية خصوصاً بعد إنشاء جسر جابر والحديث المستمر عن مشروع مدينة الحرير وجزر الشمال.
الأمر الآخر الذي شدني حول مقطع الفيديو ذاك، هو ما حدث بعد نشره من تفاعل شعبي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف أدى الرأي العام للضغط على الحكومة لتزيل ذلك الحائط المخالف، الذي أكاد أجزم أنه كان ليبقى مكانه لولا ذلك الضغط الشعبي... فالحكومة كما قلت «طوفة هبيطة» أمام البعض، وإزالة إعلان المخالفة عن الحائط ليس بالأمر المستغرب عندما نعلم أن هناك فئات في المجتمع تعتبر نفسها فوق القانون وليس للحكومة كلمة عليها، لكن الرد الشعبي أتى ليؤكد بأن الرأي العام الضاغط هو السبيل لتحقيق المطالب وتطبيق القانون، وهذا ما كنت وما زلت أقوله.
نهاية، أنا لا أكتب من منطلق الحسد أو الغيرة، لكنني أكتب عن حق جميع المواطنين بالتمتع بثروات هذا الوطن، فما يحدث اليوم من انعدام للعدالة في توزيع الثروة والتمتع بموارد البلد، والتباين الفاضح في تطبيق القانون سيؤدي بالضرورة لانقسام المجتمع وتفككه، وهذا الأمر بدأنا نعايشه فعلياً... لذلك من المهم أن تنتبه الحكومة والمجلس لقضية العدالة، أما بالنسبة للشعب الذي بدأ يفقد الأمل بالإصلاح وتسلل اليأس إلى قلبه، فعليه أن يدرك مدى قوته وسلطته التي تفوق قدرة الحكومة والمجلس معاً، فالضغط الشعبي وسيلة تثبت جدارتها وباستحقاق في كل قضية وعلى مر السنين... لذلك علينا أن نعمل معاً من أجل تحقيق مطالبنا عبر هذه الوسيلة السلمية الراقية وألا نكون طوفة هبيطة كما يريد لنا البعض!

تعليقات

اكتب تعليقك