#جريدة_الآن زايد الزيد: الفساد بالكويت لا يتم عَرَضًا أو بطريقة عشوائية بل هو فساد منظم يقف خلفه لصوص متمرسون بالسرقة من مقدرات الدولة وبارعون في تخريب المؤسسات

زاوية الكتاب

كتب زايد الزيد 679 مشاهدات 0


النهار

اعترفت الحكومة أخيرًا بأن لديها فساداً وهدراً وبيروقراطية في بعض أجهزة الدولة ووزاراتها وفق تقرير نشرت بعض أجزائه في الصحف المحلية.

وجاءت تفاصيل التقرير الحكومي لتحكي عن معاناة أجهزة الدولة من البيروقراطية وهدر الأموال وضعف الأداء المالي ببعض الجهات الحكومية اضافة الى وجود قصور كبير وضعف في الرقابة المالية.

وتضمن التقرير الذي صدر من الأمانة العامة لمجلس الوزراء الى وزارة المالية اعترافاً بالدور الكبير لديوان المحاسبة في كشف عمليات الفساد والحفاظ على المال العام والتصدي للفساد والمفسدين في بعض قطاعات الدولة والذين يرون المال العام غنيمة يجب أن تُغتنم.

الاعتراف الحكومي بهذا الشكل الصريح يمثل سابقة خطيرة تشير الى مقدار الفساد المكشوف الذي وصل اليه بعض الفاسدين في بعض أجهزة الدولة حتى «فاحت رائحته» وتسرب الى وسائل التواصل الاجتماعي والصحف وصار حديث المجالس والدواوين.

لقد جاء الاعتراف الحكومي ليؤكد أن الفساد في الكويت لا يتم عَرَضًا أو بطريقة عشوائية بل هو فساد منظم، يقف خلفه لصوص متمرسون في السرقة من مقدرات الدولة وبارعون في تخريب المؤسسات الحكومية وجعل المواطن يفقد الثقة بها.

ولا يشك شاكٌ بأن ديوان المحاسبة اليوم على ثغر عظيم وهو ثغر حماية مؤسسات الدولة، وبالتالي حماية الدولة نفسها من خطر الفساد والمفسدين، وما التقارير الدورية التي تصدر من الديوان حول فساد هذه الوزارة أوتلك المؤسسة أو تلك الادارة، الا خير شاهد على الدور الكبير الذي بات يؤديه في سبيل الحفاظ على المال العام ومقدرات الأمة من الهدر والضياع، تاركاً الكرة بملعب الحكومة كي تأخذ هذه التقارير المتكررة والمرفوعة لها وتقوم بتطبيقها على اداراتها ومؤسساتها.

ان دور ديوان المحاسبة اليوم لا يتمثل فقط في كشف الفاسدين ومحاولة ملاحقتهم بالحجج والبراهين المحاسبية والأرقام التي ليس فيها «وجهة نظر»، بل يمتد الى محاولة ارساء أسس الدولة الحقيقية في ادارة البلاد وفق معايير الحوكمة وتنظيم العمل الاداري والمحاسبي في أجهزة الحكومة ووزارتها، وما مشروع «نظم الرقابة الداخلية» الذي قدمه ديوان المحاسبة قبل شهور وكتبنا عنه مقالات عدة الا دلالة واضحة على الدور الوطني الذي تقدمه هذه المؤسسة في سبيل الحفاظ على «مأسسة» الدولة وضمان سير العمل الحكومي دون انهيار.

ولا يظن القارئ بأننا نبالغ في الحديث عن انهيار المؤسسات بسبب الفساد، فالمؤسسات هيكل كبير والفساد مثل السوس الذي ينخر هذا الهيكل شيئاً فشيئاً، واذا لم نأت بطبيب حاذق يعرف فنه وصنعته وهو هنا ديوان المحاسبة فان الهيكل سينهار بلا شك.

ختاماً، لا بد لنا أن نقر أن الاعتراف الحكومي جزء من الحل، لكن الحل النهائي لا يأتي الا بتطبيق توصيات ديوان المحاسبة وأخذها بعين الاعتبار بدون تأجيل، والا فاننا سنرى انهيار المؤسسات وفشلها بأم أعيننا.

تعليقات

اكتب تعليقك